وحاصله تحريم الأولى بوطء الثانية في حالتي الجهل والعلم ، وأنه لا تحل الأولى إلا بعد موت الثانية أو الإخراج عن الملك وإن اختلفا فيه بنية العود إلى الأولى وعدمه ، وأما الثانية فالظاهر عدم اعتبار ذلك في حلها في الحالتين ، وكأن الوجه فيه بعد إمكان اندراجه فيما دل على (١) أن وطء إحدى الأختين المملوكتين يحرم الأخرى ، ضرورة صدق ذلك بالنسبة الى كل منهما وإن حرم عليه وطء الثانية لكنه لا ينافي نشره الحرمة ، فإن مثل هذا النهي لا يقتضي الفساد عقلا ولا لغة ولا عرفا ، إذ هو كوطء المملوكة في الحيض الذي لا إشكال في نشره حرمة المصاهرة ، فإن الحرمة هنا ليست هي إلا من حيث الجمع ، وإلا فمقتضى الحل وهو الملك متحقق ، وبذلك افترق ما نحن فيه عن العقد على الحرة مثلا بعد العقد على أختها ، فإن النهي عن الجمع هنا منحصر في الثانية ، فتختص بفساد عقدها على ما سمعته سابقا كاف في الدلالة على اختصاصها بالفساد دون الأولى ، بخلاف المقام المشترك فيه سبب الحرمة بينهما ، وهو وطء إحدى الأختين ، وقاعدة « لا يحرم الحرام الحلال » ـ مع أنها لا تأتي في صورة الجهل ، ويتم بعدم القول بالفصل ، بل يمكن دعوى ظهورها فيما لا يشمل ذلك مما كان محرما في ذاته بزنا ونحوه ـ معارضة لما هنا بالعموم من وجه ، والترجيح له عليها ولو للنصوص المعتبرة المستفيضة التي قد عمل بها جماعة من الأساطين.
ففي صحيح أبى الصباح الكناني (٢) عن أبى عبد الله عليهالسلام « أنه سئل عن رجل عنده أختان مملوكتان فوطأ إحداهما ثم وطأ الأخرى ، قال : إذ وطأ الأخرى فقد حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى ، قلت : أرأيت إن باعها؟ فقال : إن كان إنما يبيعها لحاجة ولا يخطر على باله من الأخرى شيء فلا أرى بذلك بأسا ، وإن كان إنما يبيع ليرجع إلى الأولى فلا ».
وصحيح الحلبي (٣) عنه عليهالسلام أيضا « أنه سئل عن رجل كانت عنده أختان
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ـ ٠.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(٣) أشار إليه في الوسائل في الباب ـ ٢٩ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٩ وذكره في الكافي ج ٥ ص ٤٣٢.