وإن وطأ الأخرى وهو يعلم أنها تحرم عليه حرمتا عليه جميعا » بعد قصوره عنه ولو لاعتضاده بإطلاق الأدلة السابقة ، فلا بأس بالجمع بينهما بإرادة عدم الحرمة نحو حال العلم ، بل يكفي في حلها إخراج الثانية عن الملك ولو للعود إليها بخلاف حال العلم المستحق زيادة عقوبة بذلك ، وبأن الحيل الشرعية وإن اعتبرت في غير المقام لكنه للإقدام على المعصية رفع الشارع اعتبارها هنا.
ومن ذلك كله ظهر لك ما في قول المصنف تبعا للشيخ في المحكي من مبسوطة وابن إدريس ، بل نسبه في المسالك الى أكثر المتأخرين الوجه أن الثانية تحرم على التقديرين أى العلم والجهل دون الأولى فإنها تبقى على الحل السابق نحو المعقودتين ، بل والمعقودة الحرة الموطوء أختها بالملك بعدها ، للأصل ، واختصاص النهي عن الجمع بالأخيرة ، وقاعدة « لا يحرم الحرام » إلا أن الجميع كما ترى ، سيما في صورة العلم التي اتفقت جميع النصوص عليها التي لا يجوز على مقتضى قواعد المذهب طرحها أو تأويلها ، نعم ربما طرح بعضهم خبر عبد الغفار منها ، واقتصر في العمل على الباقي ، ومقتضاه حينئذ بعد مراعاة قاعدة الجمع بين الإطلاق والتقييد تخصيص حرمة الأولى في صورة العلم حتى تخرج الأخيرة عن ملكه دون صورة الجهل ، لكنه ـ مع أنا لم نعرف قائله وإن حكاه الشيخ في التهذيب وشرحه بالأخبار السابقة ، كما في المسالك ـ فيه طرح أيضا لما في النصوص السابقة من اعتبار عدم نية العود إلى الأولى في الإخراج عن الملك المحلل للرجوع إليها ، أو حمله على ضرب من الندب والكراهة من غير داع ، ولعل الأولى منه الحكم بحرمتهما معا على الوجه الذي ذكرناه ، وحمل خصوص التفصيل بنية العود إلى الأولى وعدمها على صورة العلم ، كما عن ابن حمزة ، أو على ضرب من الندب والكراهة لاستبعاد اعتبار ذلك في الحل بعد فرض صحة البيع في نفسه ، وارتفاع موضوع الجمع معه الذي يندرج به في عمومات الحل ، مضافا إلى قاعدة « إصلاح الحلال الحرام » عكس القاعدة السابقة وغيرها ، بل قد يقال : إن المراد من ذلك عدم العبرة به إذا أريد به الاحتيال المنافي صحة البيع ، فيخرج حينئذ عما نحن فيه ، والأمر في ذلك ، كله سهل بعد