ولذا عبر عنه بعض الأصوليين بمفهوم « إن ».
وبأن المفهوم لو كان معتبرا هنا لزم أن لا يجوز للعبد نكاح الأمة مع قدرته على نكاح الحرة ، لأن « من » من أدوات العموم ، فيتناول الحر والعبد واللازم باطل بالإجماع ، فكذا الملزوم.
وبأن المعلق على الشرطين هو رجحان النكاح ، فان معنى قوله تعالى ( فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) فلينكح مما ملكت أيمانكم ، وقضية المفهوم حينئذ انتفاء الرجحان عند انتفاء الشرطين دون الجواز ، فلا يقتضي المنع.
وبأن قوله تعالى ( وَأَنْ تَصْبِرُوا ) الى آخرها يدل على الجواز مع فقد الشرطين ، فإنه إذا خاف الضرر بالعزوبة أو الوقوع في الزنا فظاهر وجوب النكاح حينئذ ، فكيف يكون الصبر معه خيرا ، وأيضا فإنهم حكموا باستحباب النكاح لمن تاقت نفسه اليه مطلقا ، وذلك يقتضي استحباب نكاح الأمة مع فقد الحرة لتعينها له حينئذ ، والتخصيص بالحرة ولو مع فقدها بعيد جدا ، فالمراد أن صبركم عند تزويج الأمة مع فقد الشرطين خير ، فيكون تزويجها معه جائزا.
وبأن هذا المفهوم معارض بمنطوق قوله تعالى ( وَأُحِلَّ ) (١) و ( فَانْكِحُوا ) (٢) و ( لَأَمَةٌ ) (٣) والمنطوق مقدم على المفهوم لقوته.
وباحتمال كون الآية للأمر باتخاذ السراري مع عدم القدرة على نكاح الحرائر ، فلا يكون من محل النزاع في شيء.
مضافا الى ما في الأول من أنه إن أريد بالإرشاد معناه الأعم أي الهداية إلى ما فيه المصلحة فهو غير مناف للتحريم ، ضرورة كون الأحكام الشرعية جميعها إرشادية بهذا المعنى ، وإن أريد معناه المصطلح أي الدلالة على ما هو الأليق والأصلح بحال العبد في الأمور الدنيوية خاصة ، كما يستفاد من كلامهم
__________________
(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٤.
(٢) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٢.
(٣) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٢١.