وإن جمع الشرطين ولو لعدم قدرته على وطء التي عنده فيمكن أن يكون شرطا ثالثا ، لأن المراد كفاية إذنها وإن فقد الشرطين ، والتزويج في الجملة لا إطلاق فيه ، ويكفي فيه الجواز مع الشرطين ، كما أنه يكفي في معقد الإجماع ونصوص تزويج الحرة على الأمة.
وأضعف من ذلك القول بالتفصيل بين من عنده الحرة وغيره ، فلا يجوز للأول ، ويجوز للثاني ، مع أنه لم نعرف قائله وإن حكي عن الشيخ أنه حكاه عن قوم من أصحابنا ، بل ظاهر حكايته المنع وإن رضيت الحرة وهو مخالف لما تعرفه من الإجماع ، على أنه قد بالغ بعض الأفاضل في نفي هذا القول ، وأنه ليس قولا في المسألة ، وإن مرجعه الى القول بالجواز ، ويؤيده تصريح بعض المتبحرين بأن ليس في المسألة إلا قولين ، وظاهر المسالك أن هذا القائل قد اعتبر في المنع وجود الحرة فعلا لا القدرة عليها ، لكنه كما ترى أيضا. وعلى كل حال فثبوته قولا في المسألة هنا وهي جواز تزويج الأمة مع عدم الشرطين أو أحدهما لا من حيث إذن الحرة وعدمه مشكل ، ومع تسليمه فهو أضعف من سابقه كما لا يخفى عليك.
وكذا ما عد قولا رابعا ، وهو ما يظهر من المفيد من التحريم دون الفساد ، فإنه ليس قولا في أصل التحريم ، مع أنه في غاية الضعف مناف للفهم العرفي المستفاد من الآية والنهي في الرواية في أمثال هذه المقامات مما كان مورده ركني ( ركن خ ل ) العقد التي هي أولى من نواهي حرمة الجمع ، كما هو واضح بأدنى نظر.
ثم المراد من الطول هنا المهر وإن كان هو أعم كما سمعت التصريح به في الخبر (١) لكن ألحق به المصنف وغيره النفقة أيضا ، وكأنه أخذه من أصل المعنى اللغوي ، وهو الزيادة والفضل والسعة في المال ، لكن الإنصاف أنه يمكن عدم اعتبار غير المهر في الطول الذي هو شرط الجواز وأما النفقة فأمر قد ضمنه الله تعالى خصوصا بعد قوله تعالى (٢) ( إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ )
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث ٥.
(٢) سورة النور : ٢٤ ـ الآية ٣٢.