وقال الفرزدق :
موانع للإسرار
إلا من أهلها |
|
ويخلفن ما ظن
الغيور التقشف |
يعني أنهن عفائف يمنعن الجماع إلا من أزواجهن ، وحينئذ يكون السر مفعولا به ، وهو المنهي عنه ، بخلاف القول المعروف ، فالتصريح المنهي عنه في مقابل التعريض هذا ، لا التصريح بالنكاح على سنة الله وسنة رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أو يقال : إن المراد بالمواعدة سرا الخلوة بها إلا للقول المعروف ، لا للمفاكهة والتلذذ بها ، وإرادة القبيح بهن كما حكاه الرازي في تفسيره ، قال : « روى الحسن (١) أنه كان الرجل يدخل على المرأة وهو يعرض بالنكاح ، فيقول لها دعينى أجامعك فإذا تممت عدتك أظهرت نكاحك ».
وحاصل الآية حينئذ أنه لا جناح عليكم في خطبة النساء أي طلبهن للنكاح وذكرهن لذلك وفيما أكننتم في أنفسكم من ذلك ، لأن الله قد علم أنكم لا بد وإن تذكروهن في أنفسكم وفي ألسنتكم ، فرؤوف بكم ونفي الجناح عنكم في ذلك كله ، وإذن لكم في ذكرهن للنكاح وخطبتهن ، ولو كن في عدة وفاة أو غيرها من عدة البائن فاذكروهن واخطبوهن ، ولكن لا تخطبوهن بأن تواعدوهن سرا أي جماعا ونحوه من الأشياء المستهجنة أو تواعدوهن خلوة إلا للقول بالمعروف لا لغيره ، وبذلك ظهر لك وجه الاستثناء متصلا ومنقطعا ، بل وجه الاستدراك ، وأما ما سمعته من الأصحاب من الفرق بين التعريض والتصريح فيصعب استفادته تماما منها إلا بمعونة إجماعهم ، والله العالم.
( و ) كيف كان فـ ( لو صرح ) بالخطبة ( في موضع المنع ) منه ( ثم انقضت العدة فنكحها لم تحرم ) قطعا وإجماعا بقسميه ، للأصل والعمومات بعد معلومية عدم اقتضاء الإثم في ذلك حرمة النكاح ، كما هو واضح. ولعله نبه عليه لخلاف بعض العامة.
__________________
(١) تفسير الرازي ج ٦ ص ١٤٢ ـ الطبعة الاولي.