ذلك إلى أن حرمها عمر ، والترجيح لهذه الأخبار لكثرتها واتفاق الفريقين عليها بخلاف روايات التحريم ، فان المخالفين انفردوا بها ولم يرد من طريق الإمامية ما يقتضي التحريم ، مع اشتهار الحكم به بين أهل الخلاف وكثرة اختلاف الروايات من جهتهم ، واعتضادها بظاهر الكتاب وإجماع المسلمين في الجملة ، والأصل دوام الحكم وانتفاء النسخ حتى يعلم خلافه ، مضافا الى ما عرفته من ظهور الوضع على روايات التحريم الذي منه أيضا أنهم رووا ذلك (١) عن على عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مع أن مذهب علي عليهالسلام في ذلك معلوم ، وقد نقله جماعة من رواتهم ، وأنه عليهالسلام كان يقول (٢) : « لو لا نهى عمر عن المتعة ما زنى إلا شقي ».
واحتجوا أيضا بالإجماع على تحريمها ، فإن الصحابة قد اتفقوا عليه بعد نهي عمر عنه ، ولم يخالف فيه إلا ابن عباس ، وقد نقل عنه الرجوع إليه في آخر عمره ، وفيه منع الإجماع ، وكفى بذلك اتفاق أهل البيت الذين هم أساطين الإسلام على خلافه ، واتفاق شيعتهم على ذلك ، حتى صار من ضروريات مذهبهم يعرفه كل أحد منهم ، فدعوى الإجماع مجازفة بينة لا تصدر إلا عن معاند متصلف ، وأيضا فالقول عليها منقول عن أعاظم الصحابة والتابعين ، كابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وجابر وأبي سعيد الخدري وسلمة بن الأكوع والمغيرة بن شعبة ومجاهد وعطاء بن أبى رياح وطاوس وأبي الزهري مطرف ومحمد بن سدى ، وعن مسلم في صحيحه وأبي الحسن بن علي بن زيد في كتاب الألفة أنهما زادا في الصحابة معاوية بن أبى سفيان وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعمر بن جويدة وربيعة بن أمية وسلمة بن أمية وصفوان بن أمية ومعلى بن أمية والبراء بن عازب وربيع بن ميسرة وسهل بن سعد الساعدي ، كما عن أبى الحسن علي بن الحسين الحافظ في كتاب سير العباد الزيادة في التابعين الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسعيد بن حبيب وابن جريح وعمر بن دينار ، ونقل عن مالك وابن شبرمة من الفقهاء الميل إليها ، وما ذكر من رجوع ابن عباس عن ذلك
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٧ ص ٢٠١.
(٢) راجع الغدير للامينى (ره) ج ٦ ص ٢٠٦.