جزءاً ، ثم أدعوهن يأتينک سعياً واعلم أن الله عزيز حکيم ». فأخذ إبراهيم ٧ نسراً وبطاً وطاووساً وديکاً ، فقطعهن وخلطهن ، ثم جعل على کل جبل من الجبال التي حوله ـ وکانت عشرة ـ منهن جزءاً وجعل مناقيرهن بين أصابعه ثم دعاهن بأسمائهن ، فوضع عنده حباً وماءاً ، فتطايرت تلک الأجزاء بعضها إلى البعض حتى استوت الأبدان ، وجاء کل بدن حتى انظم إلى رقبته ورأسه ، فخلى إبراهيم ٧ عن مناقيرهن ، فطرن ثم وقعن فشربن من ذلک الماء ، والتقطن من ذلک الحب ، وقلن : يا نبي الله أحييتنا أحياک الله ، فقال إبراهيم : (بل الله يحيي ويميت ، وهو على کل شيء قدير ، فقال المأمون : بارک الله فيک يا أبا الحسن ). (١)
وينبغي التنبيه إلى أن ما وقع فيه الاختلاف في باب التفسير ، هو ما يتعلق بمعاني جزئيات ومفردات هذه الآية الشريفة ، لوجود الإبهام في المراد منها ، کالإبهام في عدد الأجزاء ، وأسماء الجبال ، وأسماء الطيور ، وغيرها ، فقد جاء في بعض الروايات أن الطيور کانت هي الطاووس والديک والحمامة والغراب ، وفي بعضها أن المرامن الطير هو الطاووس ، وفي بعض الروايات ذکرت تأويلات لکل واحد منها ، ولکن المهم أن القضية کانت متعلقة بمسألة إحياء الموتى بعد متوتها ، ولکن لا بأي شکل يکون ، وإنما إحياء بکيفية مخصوصة تتناسب والطلب الإبراهيمي ، وقد عبر عن ذلک الشيخ مصباح اليزدي : ( أجمالاً نعلم أنها کانت طيور ، وممکن أن تکون من نوع واحد ، ومن الآية نستفد منها شيئاً واضحاً ، والروايات مختلفة في جزئيات هذه الآية ... ). (٢)
ومن موارد الاختلاف الذي وقع بين المفسرين هو ما يتعلق بالمراد من کلمة ( فصرهن إليک ) ، من حيث دلالتها على المعنى المقصود ، فقد قرأت بقراءتين ، بضم الصاد ، وکسرها ، وعندئذ يتغير المعنى تبعاً لتغير القراءة ، فعلي الأولى تکون بمعنى
ــــــــــــــــ
١. عبد علي جمعة ، تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٢٧٥ ـ ٢٨٢ ؛ نقلاً عن : عيون أخبار الرضا ٧.
٢. محمد تقي مصباح اليزدي ، کتاب معارف قرآن ، ج ١ ـ ٣ ، ص ٤٧٥.