لدينا دليل عقلي ولا شرعي قطعي على الخلاف ، لوجب الأخذ بما جاء به ، ولکن مع تحقق المخالفة القطعية ، فلا مجال الحجية الطرف المخالف بعد ، ولعل قائل يقول : إن ما ذهب إليه ملا صدرا في برهنة استحالة التناسخ سواء کان في الدنيا أو الآخرة ، يختلف عن طريقة برهنة المشهور من الفلاسفة في إثبات بطلان هذه المسألة ؛ بناءً على أساس اختلاف المبني ، نقول : هذا الصحيح ، ولکنه انتهى إلى نفس اللازم الباطل الذي انتهى إليه مشهور ، وهو وجوب تعلق نفسين ببدن واحد ، أو تمانع أحدهما للآخر في التعلق بالبدن الجديد ، سواء کان مثل البدن الأول أو ليس مثله ، وسواء کان بدن إنسان ، أو بدن نوع حيوان آخر غير الإنسان ، وکيف کان فلا مجال لقبول ما جاء به الغزالي لأجل تصحيح المعاد الجسماني.
خلاصة الکلام
ومما تقدم يتضح لنا ما يلي :
أولاً : لم يکن للغزالي منهج علمي واحد في التحقيق ، بل اعتمد في ذلک على مجموعة من الأساليب العلمية ، فمثلاً : في الوقت الذي نجده ذامّاً ومعترضاً على طريقة الفلاسفة في الاستدلال والتحقيق ، نراه منتهجاً لنفس اللون من التفکير والأسلوب في تحقيق المسائل الفلسفية التي يراها مخالفة لظاهر الشريعة وليس من الدين.
ثانياً : وبناءً على ما تقدم ذکره في النقطة الأولى ، يراه البعض أنه يعد مشکلة فکرية لدارسية ، من أجل تحديد هويته کباحث في المسائل المعرفية المختلفة.
ثالثاً : في الوقت الذي اعتمد في تحقيقاته على مجموعة من الأساليب ، إلاّ إننا نجده يرجح من بين سائر هذه المناهج الثلاث المعروفة المنهج الفلسفي ، والمنهج الفلسفي ، والمنهج الکلامي ، والمنهج الصوفي المنهج الصوفي بحيث يعتبره الطريق الوحيد الموصل إلى الحقيقة ، کما جاء ذلک في قوله : ( إنّي علمت يقيناً أن الصوفية هم السابقون