لطريق الله تعالى خاصة ، وأن سيرتهم أحسن السير ، وأن طريقتهم أصوب الطرق ، وأخلاقهم أزکى الأخلاق ، بل لو جمع عقل العقلاء ، وحکمة الحکماء ، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا من سيرتهم وأخلاقهم ويبدلوا بما هو خير منه ، لم يجدوا سبيلاً ... ). (١)
رابعاً : وأما بالنسبة لرأيه في تحديد ماهية الإنسان ، فإنه يراها أنها جوهر مجرد لا يفسد بفساد البدن ، وأنها سوف ترتبط ببدن ما يوم القيامة ، لکي تعاد معاداً جسمانياً روحانياً ، ولا يرى في ذلک محذوراً ؛ لأنّ الشرع جوز ذلک ، فلا تناسخ في البين ، وإن سمى تناسخاً ، فلا مشاحة في الأسماء ، ولکننا من خلال البحث بينا بطلان ما ذهب إليه ، مع قولنا بأن المعاد جسماني وروحاني معاً کما مرّ بيانه في طيات البحث السابق. فتأمل.
خامساً : وأمّا بالنسبة لإمکان المعاد ، فکما تقدم في النقطة السابقة ، أنه اعتمد في إمکانه ووقوعه على الشرع ولم يبحثه کثيراً في کتبه ، کما ذکر ذلک الفخر الرازي حيث قال : ( ... وإنّما لم يشرحه في کتبه کثير شرح ، لما قال أنه ظاهر لا يحتاج إلى زيادة بيان ، ... ). (٢)
سادساً : بينا في المسألة الخامسة ، أن التناسخ قد يأتي بمعنى الانتقال ، وأن للانتقال أربع صور ، وأن التناسخ بالمعنى الخاص يصدق على القسم الرابع منها ، وهو انتقال النفس الإنسانية بالموت من البدن الذي کانت فيه إلى بدن ما أعم من البدن الإنساني ، أو الحيواني ، وکذلک بينا فيها أن التناسخ يقسم أيضاً إلى قسمين أحدهما محال ، والآخر جائز ، والأول هو التناسخ الملکي ، والثاني هو التناسخ الملکوتي ، ثم ومن خلال البحث أتضح لنا أن ما ذهب إليه الغزالي في مسألة البدن الأخروي هو من نوع القسم الأول ـ الملکى ـ وهو من الأنواع الباطلة ، وإن کان في
ــــــــــــــــ
١. محمد الغزالي ، المنقذ من الضلال ، ص ٥٠.
٢. نقلاً عن : مسعود بن عمر بن عبدالله المعروف بسعد الدين النفتازاني ، شرح المقاصد ، ص ٩١.