أولاً : نحن لا ننکر ثبوت هذه القاعدة العقلية وصدقها عند توفر موضوعها في جريان حکمها وتطبيقها عليه ، هذا من الجهة النظرية ، إلا أنه قد يحصل الخطأ في تطبيقها وتشخيص مصاديقها ؛ إذ أنه لابد أن تتوفر في المثلين جميع الخصائص التي يتوقف عليها صدق عنوان المثلين ، ولا يکفي في صدق العنوان أن تتوفر في أحدهما بعض الخصائص دون الآخر ، وإذا لم يصدق العنوان عليهما فلا تجرى القاعدة المذکورة لانتفاء موضوعها في المقام ، وهذا لا يعني أنه عندما لانستطع إثبات إمکان العالم الآخر بهذا الطريق أنه انتهت الطرق والوسائل الأخرى لإثبات هذا الأمر ؛ لأن إمکان العالم الأُخروي لا يتوقف على أن يکون هو مثل هذا العالم الدنيوي بتمام خصائصه وصفاته ، وإلاّ لم يکن عالم أُخروي ، بل هو عالم دنيوي ثانٍ ، وهذا خلاف ما هو ثابت بالشرع المتوافر في بيان خصائص وصفات ذلک العالم الأُخروي ، فقد نصت عليه النصوص الشرعية بما لا يحتمل التأويل والتصريف فيه ، فضلاً عن وجوب وجوده ، بل أن ذلک ثابت بالدليل العقلي أيضاً.
ثانياً : لو سلمنا بکفاية التشابه والتماثل بين الأمرين ولو في بعض الجهات والصفات لجريان هذه القاعدة فيهما ، للزم من ذلک بعض اللوازم الباطلة ، ومنها على سبيل المثال : جريان أحکام النار على الماء ؛ لأنّهما متماثلان بالجسمية وهو باطل ، وأما دعوى التخصيص في هذه القاعدة في هذا المورد ـ عالم الدنيا وعالم الآخرة ـ نقول لک : إن القواعد العقلية لا تخصص ، ولو خصصت لبطلت ، ولا يصح بعد ذلک تسميتها بالقواعد العقلية.
ثالثاً : وأما استدلاله بالآية الشريفة في إثبات المطلوب غير صحيح ؛ لأن الاستدلال بهذه الآية الشريفة مبتني على أساس عود الضمير في کلمة « مثلهم » على السموات والأرض ، في حين أن الضمير يعود على المنکرين للمعاد الجسماني ، کما هو ظاهر من سياق الآيات التي قبلها ، وکما ذهب إلى ذلک أغلب المفسرين لها ؛ لمقتضى الحال ومطابقة الجواب للسؤال في المقام ؛ لأن المنکر جاء