باختيارنا ، وعملنا الديني يتطلب موقفاً منا تجاه من کان ومن أصبح اليوم محتلاً له ، فقد تبدل السيئ بالأسوأ ، حتى عصف هذا الظرف بالحوزة العلمية العراقية بحيث سبب تعطيل دروسها العلمية ، وتحويلها إلى دراسات سياسية تتعلق بالوضع الراهن ، والبحث عن أفضل الوسائل لإنقاذ هذا الشعب المظلوم من أيدي المحتلين ، والمهم أن هذا الوضع أسهم بدور کبير في تشويش الذهن ، وبعث على عدم الارتياح النفسي ، وحتى أنّه عکّر صفاء الفکر ، خصوصاً مع تقديمنا ما يقارب ستة ملايين شهيد من خيرة شبابنا الشيعي المتدين وعلمائنا العاملين الواعين ، ضحية بيدي زمرة الکفر والطغيان البعثي.
وأما النتيجة التي توصلنا لها من خلال بحثنا لهذا المسألة ، أنّه في الوقت الذي نعتقد فيه وتعتقد فيه البشرية عامة بوجوب المعاد والحساب والجزاء ، وأنّ الذهن ينصرف فطرياً على أساس أنّ الکيفية التي يعاد فيها النّاس في ذلک اليوم الحق ، هي الكيفية الجسمانية ، ولكن الدليل العقلي عاجز عن إثبات هذا الأمر ما لم يجعل قول المعصوم : ، أو النص القرآني مقدمة يقينية في القياس العقلي ، والاستدلال المنطقي ، فعند ذلک يمکننا أنّ نتعقل إمکان ثبوتها ، وإلاّ فلا يمکننا تعقلها فضلاً عن إقامة الدليل العقلي على إثباتها ، کما قال فيه ملاصدرا ، فمن خلال دراستنا للمجتمعات والأمم والديات القديمة ، ثبت لنا أن جميع الأقوام والمجتمعات الديانات كانت تعتقد بوجوبها ، ما عدا فرقة واحدة من فرق اليهود وهم الصدوقيون ، بدعوى أنّ التوراة المکتوبة الموجودة بين أيديهم خالية عن التصريح بها ، وأما التلمود فهو کتاب دوّن بعد ذلک بکثير ، ولذا يعبر عنه بالتوراة الشفهية وتدور اكثر مسألة حول الأحكام والآداب والرسوم التي يجب العمل بها ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أنّ الأکثر کانوا يذهبون إلى الاعتقاد بالکيفية الجسمانية ، ما عدا المسيحيين فأن التصوير الإنجيلي لها يتوافق مع القول بالمعاد الروحاني ، وأنّ الناس يحشرون على شکل ملائکة ، بينما البحث القرآني حولها ، قد أثبت لنا أنّه من