الخصوصية الأولى : إن الأسلوب والمنهج المتبع في تحقيق مسائلها ، النظرية والعملية ، باعتبار أن الفلسفة کانت في بداية الأمر شاملة وعامة لجميع ما يرتبط بجوانب الإنسان النظرية والعملية ، الفلسفية منها والعلمية والعملية بحسب مراد المتأخرين من هذين الاصطلاحين ، إلا هذه الفلسفة لم تکن تنتهج الأساليب الأخرى غير الأسلوب العقلي في استخراج واستنباط مسائل هذه العلوم ، التي استقلت بعد ذلک بحيث أصبح لکل واحد منها منهج خاص يتناسب مع طبيعة مسائله.
الخصوصية الثانية : إن موضوعها الرئيسي العام هو الاهتمام بالإلهيات بالمعنى الأعم ، خصوصاً دراسة المسائل الميتافيزيقية التجريدية بصورة عامة.
الخصوصية الثالثة : هي محاولة ربط الأبحاث الفلسفية بالقضايا الحياتية للإنسان ، وتتجلى هذه المحاولة بشکل واضح في فلسفة سقراط ، ولذا يعبر عن فلسفته بالفلسفة الإلهية ، وهو کناية عمّا انطوت عليه هذه الفلسفة النظرية من البعد العمل المتعلق بالجانب الأخلاقي ؛ لحل مشکلة الحياة الإنسانية بشتى جوانبها ، ثم قام بعده تلميذ أفلاطون المعروف بالمعلم الأول أرسطو بتتميم هذا الدور الجبّار ، وما زالت عدّة من أصولها وقواعدها خالدة إلى يومنا هذا.
وما ذکرناه إلى الآن کان متعلقاً بالفلسفة الأم للمدرسة المشائية من وجهة نظر العامة ، وأما ما يتعلق بالنسبة للفلسفة المشائية الإسلامية التي کان روادها الکندي والفارابي والشيخ الرئيس ابن سينا ، فقد انتقلت أصولها عن طريق ترجمة الفلسفة اليونانية إلى اللغة العربية ؛ وکان في طليعة الفلاسفة الإسلاميين يعقوب بن إسحاق الکندي ، الذي قام بدور التفسير والشرح بالشکل الذي لا يتعارض مع النصوص والأفکار الأساسية في الدين الإسلامي ، (١) ويمکن أن نعتبر هذا اللون من الجهد في عداد المنتجين للفکر الفلسفي ، وأن لم يأتِ بأصول جديدة ومسائل حديثة ، وقد
ــــــــــــــــ
١. جميل صليبا ، تاريخ الفلسفة العربية ، ص ١٣٠.