الصدوقيين ، ودليلهم على ذلک عدم وجود نص صريح في التوراة المکتوبة عليه ، وقد تقدم البحث مفصلاً عنه ذلک في محله ، فراجع ، وکذا من جملة القائلين بروحانية المعاد هم المسيحيون ؛ باعتبار أن النصوص الإنجيلية في الأناجيل الأربعة تتحدث عنه بالکيفية الروحانية دون الجسمانية ، کما مرّ بيانه سابقاً ، والسبب في ذلک کله يعود إلى تلاعب الأيدي في تغيير وتبديل النصوص الشرعية بعد رحيل أنبيائهم : ، وإلاّ فلو رجعنا إلى الفطرة الإنسانية والنصوص القرآنية فإنا نجدها تنص على جسمانية المعاد الأُخروي ، کما سيأتي البحث عنه مفصلاً في الفصل الثاني ، فانتظر.
ثالثاً : وهو ما يتعلق في بحث حقيقة النفس الإنسانية التي حارت العقول وتاهت الأفکار في معرفة کنهها وحقيقتها ، وتضاربت الآراء والنظريات فيها ، وقد نقل لنا السيد نعمة الله الجزائري قولهم فيها : ( قالوا : إنها معلومة الوجود مجهولة الکيفية ، فکما أن الربَّ غير مدرک لنا لتعالي حده ، کذلک کيفيتها غير معلومة لنا لتداني حدها ، فعلي هذا قال أمير المؤمنين : « من عرف نفسه فقد عرف ربَّه » من باب تعليق المحال على المحال ). (١)
وقد تبين لنا من خلال البحث في ذلک التفاوت والاختلاف في الآراء ، فقد ذهب أغلب المحدّثين إلى القول بجسمانيتها اعتماداً على ظاهر بعض الأخبار ، ومنهم المحدث المجلسي صاحب کتاب بحار الأنوار ، (٢) کما ذهب إلى هذا القول بعض متکلمي السنة نذکر البعض منهم ، وهو النظام ، (٣) والجويني ، (٤) وابن الإخشيد ، (٥) وأما القول بتجردها عن المادة ، فقد ذهب إليه جملة الفلاسفة والحکماء السابقين
ــــــــــــــــ
١. السيد نعمة الله الجزائري ، نور البراهين ، ج ٢ ، ص ٤٠٢.
٢. بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٠٣.
٣. نقلاً عن : الشيخ الطريحي ، مجمع البحرين ، ج ١ ، ص ١٢١.
٤. أبوالمعالي عبدالملک الجويني ، کتاب الإرشاد ، ص ٣١٨.
٥. نقلاً عن بحار الأنوار ، ج ٥٨ ص ٩٤.