وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَٰلِكَ الخُرُوجُ ) ، (١) وقال أيضاً : ( يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ ) ، (٢) وقال تعالى : ( فَانظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَٰلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ). (٣)
فبغض النظر عمّا جاء في تفسير مفرداتها ، فإننا نجد أنّ بعض المفسرين استفاد من الآية الأولى الدلالة على إمکان المعاد للأموات في يوم لم يذر فيه أحداً ، ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) ، (٤) فمن جهة تحکي قدرة الله تعالى المطلقة على کلّ شيء ، ومن جهة أخرى توجه الأنظار إلى مشاهدة مسيرة الحياة في عالم الدنيا ، فکأنها تريد أن تشبه بين المعاد والحياة في الدنيا ، فما يجرى في هذا العالم الدنيوي بمثابة صورة مصغرة من معاد الآخرة ؛ ولذا تطلب من المريبين أن ينظروا إلى السماوات والأرض وما يجري فيهما ، قال تعالى : ( أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ) ، (٥) فقال صاحب تفسير الأمثل : ( ... أجل إن من له القدرة على خلق السموات وبما فيها من نعمة وجمال ودقة ، فکيف لا يمکنه أن يلبس الموتى ثوب الحياة مرة أخرى ... ).
إلى إن قال : ( أما الآية التالية ففيها استدلال آخر على هذا الأمر « المعاد » إذ يقول : ( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ ) (٦) إلى أن قال : تذکر هذه الآيات ضمن بيان النعم العظمى للعباد ، وتحريک إحساس الشکر في مسير المعرفة ، أنهم يرون مثلاً للمعاد کل سنة في حياتهم ، بل خلال سنين في هذه الدنيا ... فهذه الحرکة العظيمة نحو الحياة في عالم النباتات کاشفة عن هذه الواقعية ، وهي أن باري الموجودات قادر على إحياء الموتي مرة أخرى ؛ لأن وقوع الشيء
ــــــــــــــــ
١. ق ، ٩ ـ ١١.
٢. الروم ، ١٩.
٣. الروم ، ٥٠.
٤. الکهف ، ٤٧.
٥. ق ، ٦.
٦. ق ، ١١.