الخرابات بالزهر والخضر والعمارة بعد أن كانت مأوى الكلاب ومطارح الجيف والأقذار ، وجلبت إليها الغروس من فارس وسائر البلاد.
وكانت الأنهار ببغداد قد دفنت مجاريها وعفيت رسومها ، فأمر بحفرها من جديد وأقام القناطر والجسور وعملت عملاً محكما وحضر كثير من أهل البادية فزرعوا وعمروا البرية. ومع هذا لم تكن العراق مركز الدولة ، بل كان مركزها في فارس ، وبنى سوقا للبزازين (تجار الأقمشة) وكان نقل إلى بلاده ما لايوجد فيها من الأصناف ، وشيد مارستانا (مستشفى) كبيرا في بغداد ، وأمر بإدرار الأرزاق على قوام المساجد والمؤذنين وأئمة الصلاة والقراء ، وإقامة الجرايات لمن يأوي إليها من الغرباء والضعفاء ، وتجاوزت صدقاته أهل الإسلام إلى غير المسلمين. وأذن للوزير في عمارة المعابد لليهود والأديرة للنصارى وإعطاء الأموال لكل محتاج وإن لم يكن مسلما.
وكان ينفق كل جمعة عشرة آلاف درهم على الضعفاء والأرامل ، ويصرف كل سنة ثلاثة آلاف دينار ثمن أحذية للحفاة من الحجاج وعشرين ألف درهم كل شهر لتكفين موتى الفقراء ، واستحدث ثلاثة آلاف مسجد وخان للغرباء ، ولم يمر بماء جار إلا بنى عنده قرية ، وكان ينفق على أهل مكة والمدينة وطرقهما ومصالحهما مائة ألف دينار كل سنة. وكان يبذل مالاً كثيرا على عمارة المصانع وتنقية الآبار ويعطي سكان المنازل التي في الطرقات ليقدموا العلف لدواب المسافرين.
وكان يحب العلم والعلماء ، ويجري الأرزاق على الفقهاء والمحدثين