بين المقدمات الداخلية بالمعنى الأخص وهي الأجزاء والمقدمات الداخلية بالمعنى الأعم وهي الشرائط حيث قال بخروج الاولى عن محل النزاع لعدم ملاك الوجوب الغيري فيها ، دون الثانية. ووجه المناقضة هو أنّ الشرائط لو كانت متصفة بالوجوب النفسي فهي كالأجزاء فلا مقتضي عندئذ لاتصافها بالوجوب الغيري.
وثانياً : ما أشرنا إليه في ضمن البحوث السابقة من أنّ الشرائط بأجمعها خارجة عن المأمور به والداخل فيه إنّما هو تقيده بها ، فإذن كيف يعقل أن تكون متعلقة للأمر النفسي كالأجزاء ، مع أنّ بعضها غير اختياري كالقبلة أو ما شاكلها. وعلى الجملة : فالملاك في صحة التكليف هو كون المقيد بما هو مقيد تحت قدرة المكلف واختياره ، وإن كان القيد خارجاً عنه. فالنتيجة : أنّ إشكال تأخر الشرط في شرائط المأمور به لا يندفع بما ذكره قدسسره.
والذي ينبغي أن يقال في المقام : هو أنّه لا شأن للشرط هنا إلاّكونه قيداً للطبيعة المأمور بها الموجب لتعنونها بعنوان خاص وتخصصها بحصة مخصوصة التي يقوم بها ملاك الأمر ، فالمأمور به هو تلك الحصة من الكلي من دون دخل لذلك القيد في الملاك القائم بها أصلاً ، ومن الطبيعي أنّه لا فرق فيه بين كون ذلك القيد من الامور المتقدمة أو المقارنة وبين كونه من الامور المتأخرة ، بداهة كما أنّ تقييد الطبيعة المأمور بها بالامور المتقدمة كتقييد الصلاة مثلاً بالطهارة ـ بناءً على ما هو الصحيح من أنّها عبارة عن الأفعال الخارجية ـ أو بالامور المقارنة كتقييدها باستقبال القبلة وبالستر والقيام وما شابه ذلك ، يوجب تخصصها بحصة خاصة بحيث لا يمكن الاتيان بتلك الحصة إلاّمع هذه القيود ، ومع انتقائها تنتفي ، كذا تقييدها بالامور المتأخرة يوجب تخصصها كذلك بحيث لو لم يحصل ذلك الأمر المتأخر في موطنه كشف عن عدم تحقق تلك الحصة.