[ وجوب المقدّمة الموصلة ]
وأمّا القول الثالث : وهو قول صاحب الفصول قدسسره (١) من أنّ الواجب هو حصة خاصة من المقدمة وهي الحصة الموصلة ، أي الواقعة في سلسلة علة وجود ذيها دون غيرها من الحصص ، فقد نوقش فيه بعدّة مناقشات :
الاولى : ما عن شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) من أنّ تخصيص الوجوب بخصوص هذه الحصة يستلزم أحد محذورين : إمّا الدور أو التسلسل ، وكلاهما محال.
أمّا الأوّل : فلأنّ مردّ هذا القول إلى كون الواجب النفسي مقدمة للمقدمة ، لفرض أنّ ترتب وجوده عليها قد اعتبر قيداً لها ، وعلى هذا يلزم كون وجوب الواجب النفسي ناشئاً من وجوب المقدمة وهو يستلزم الدور ، فان وجوب المقدمة على الفرض إنّما نشأ من وجوب ذي المقدمة ، فلو نشأ وجوبه من وجوبها لدار. وأمّا الثاني : فلأنّ الواجب لو كان خصوص المقدمة الموصلة فبطبيعة الحال كانت ذات المقدمة من مقدمات تحققها في الخارج ، نظراً إلى أنّ ذاتها مقوّمة لها ومقدّمة لوجودها ، فعندئذ إن كان الواجب هو ذات المقدمة على الاطلاق لزم خلاف ما التزم به قدسسره من اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة ، وإن كان هو الذات المقيدة بالايصال إليها ننقل الكلام إلى
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٨٦ ، التنبيه الأوّل.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٣٤٤.