الصحيح على نكاح كل قوم وإن كان فاسداً في مذهبه ، فلو رأى شخص صحة النكاح بالعقد الفارسي وعقد على امرأة كذلك ويرى الآخر بطلانه واعتبار العربية فيها ، لزمه ترتيب آثار الصحة على نكاحه وإن كان فاسداً في نظره ، بأن يحكم بأ نّها زوجته وبعدم جواز العقد عليها وغير ذلك من الآثار المترتبة على الزواج الصحيح. ومن هنا وجب ترتيب آثار النكاح الصحيح على نكاح كل ملّة وإن كانوا كافرين. وبذلك يظهر حال المسألة الثانية حرفاً بحرف.
والدليل على هذا : مضافاً إلى إمكان استفادة ذلك من روايات الباب (١) ، السيرة القطعية الجارية بين المسلمين من لدن زمن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله إلى زماننا هذا ، حيث إنّ كل طائفة منهم يرتّبون آثار النكاح الصحيح على نكاح طائفة اخرى منهم ، وكذا الحال بالاضافة إلى الطلاق ، هذا من ناحية. ومن ناحية اخرى : أنّهم يعاملون مع الملل الاخرى أيضاً كذلك ، يعني أنّهم يرتّبون آثار العقد الصحيح على نكاحهم ، وآثار الطلاق الصحيح على طلاقهم ، فلو عقد كافر على امرأة عاملوا معها معاملة المرأة المزوّجة ورتّبوا عليها تمام آثارها ، ولو طلّقها عاملوا معها معاملة المرأة المطلّقة ورتّبوا عليها آثارها من جواز تزويجها بعد انقضاء عدتها ونحو ذلك.
قد يتوهّم : أنّ بابي الطهارة والنجاسة أيضاً من هذا القبيل ، أي من قبيل النكاح ، بدعوى أنّنا كثيراً ما نخالط أبناء العامّة وغيرهم الذين لا يعتبرون في زوال عين النجاسة ما نعتبره من الشرائط ، بل نخالط من لا يبالي بالنجاسة أصلاً مع سكوت الأئمة عليهمالسلام عن ذلك ، ولم يرد منهم ما يدل على وجوب الاجتناب عن هؤلاء ، بل ورد منهم الأمر بمعاملتهم معاملة المتطهر ، وهذا دليل على خروج بابي الطهارة والنجاسة عن الحكم المتقدم ، ونفوذ الحكم
__________________
(١) الوسائل ٢١ : ١٩٩ / أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٨٣.