[ منشأ عباديّة الطهارات الثلاث ]
ثمّ إنّه قد يشكل في الطهارات الثلاث من وجهين :
الأوّل : أنّه لا شبهة في استحقاق الآتي بها الثواب مع أنّ الأمر المتعلق بها غيري ولا يترتب على امتثاله ثواب ، كما أنّه لا عقاب على تركه. والجواب عنه قد ظهر ممّا تقدّم.
الثاني : أنّه لا ريب في عبادية الطهارات الثلاث ولزوم الاتيان بها بقصد التقرب وإلاّ لم تقع صحيحة ، ومن هنا لا تكون حالها حال بقية المقدمات في كون مطلق وجودها في الخارج مقدمة ، وإنّما الاشكال والكلام في منشأ عباديتها ، ولا يمكن أن يكون منشؤها الأوامر الغيرية المتعلقة بها ، ضرورة أنّ تلك الأوامر أوامر توصلية لا تقتضي عبادية متعلقاتها ، أضف إلى ذلك : أنّ الأمر الغيري إنّما يتعلق بما يتوقف عليه الواجب ، والمفروض أنّ الطهارات الثلاث بعنوان كونها عبادة كذلك ، وعليه فالأمر الغيري المتعلق بها بطبيعة الحال يتعلق بعنوان أنّها عبادة ، ومعه كيف يعقل أن يكون منشأ لعباديتها.
وأجاب عن هذا الوجه المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) بأنّ منشأ عباديتها إنّما هو الأمر النفسي الاستحبابي المتعلق بذواتها ، فإذن لا إشكال من هذه الناحية.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١١.