عن ضدّه فكيف يمكن أن يقال إنّ ضده يتوقف على عدمه توقف الشيء على عدم مانعه.
وبعبارة واضحة : أنّ المدعى إنّما هو توقف أحد الضدّين على عدم الآخر توقف الشيء على عدم مانعه ، فإذا فرض أنّه لا يمكن أن يكون مانعاً فكيف يمكن أن يكون عدمه موقوفاً عليه.
ثمّ إنّ المحقق الخوانساري قدسسره (١) قد فصّل بين الضدّ الموجود والضدّ المعدوم ، وربّما نسب هذا التفصيل إلى شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره (٢) أيضاً بدعوى أنّ وجود الضد إنّما يتوقف على عدم الضدّ الآخر إذا كان موجوداً لا مطلقاً ، بمعنى أنّ المحل إذا كان مشغولاً بأحد الضدّين فوجود الضدّ الآخر في هذا المحل يتوقف على ارتفاع ذلك الضد ، وأمّا إذا لم يكن مشغولاً به فلا يتوقف وجوده على عدمه ، ونتيجة ذلك هي أنّ عدم الضد الموجود مقدمة لوجود الضدّ الآخر دون عدم الضدّ المعدوم.
بيان ذلك : أنّ المحل إمّا أن يكون خالياً من كل من الضدّين ، وإمّا أن يكون مشغولاً بأحدهما دون الآخر.
فعلى الأوّل : فالمحل قابل لكل منهما بما هو مع قطع النظر عن الآخر ، وقابلية المحل لذلك فعليّة فلا تتوقف على شيء ، فعندئذ إذا وجد المقتضي لأحدهما فلا محالة يكون موجوداً من دون توقفه على عدم وجود الآخر ، مثلاً إذا كان الجسم خالياً من كل من السواد والبياض فقابليته لعروض كل منهما عليه عندئذ فعلية ، فإذا وجد مقتضي السواد فيه فلا محالة يكون السواد موجوداً ،
__________________
(١) حكاه عنه في مطارح الأنظار : ١٠٨.
(٢) مطارح الأنظار : ١١٢.