واحد أو بالاضافة إلى شخصين ، فعلى الأوّل كان عدم ما لم يوجد منهما مستنداً إلى عدم تعلّق الارادة به ، فعدمه لعدم مقتضيه لا لوجود المانع ، وعلى الثاني يستند عدمه إلى عدم الشرط ، أعني به عدم القدرة على الايجاد مع تعلّق الارادة القوية بخلافه. وهذا التقريب ألخص وأمتن ، فانّه لا يتوقف على انتهاء أفعال العباد إلى الارادة الأزلية حتّى يرد عليه أنّ أفعال العباد غير منتهية إلى إرادة الله تعالى أوّلاً ، وليست إرادته سبحانه أزلية ثانياً ، كما تقدّم الكلام فيه مفصّلاً في بحث الطلب والارادة (١).
وحاصل الاعتراض على ما ذكره المحقق صاحب الكفاية قدسسره ـ من أنّ وجود أحد الضدّين إذا توقف على عدم الآخر لزم الدور ، فانّ عدم الآخر أيضاً متوقف على وجود الأوّل توقف عدم الشيء على وجود مانعه ـ هو أنّ عدم أحد الضدّين لا يستند إلى وجود الآخر أبداً ، بل يستند إلى عدم المقتضي أو عدم الشرط ، فالتوقف من طرف الوجود فعلي وأمّا من طرف العدم فلا توقف إلاّعلى فرض محال وهو أن يفرض وجود المقتضي للوجود مع جميع شرائطه ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في دفع غائلة استلزام الدور.
ولكنّه يرد عليه ما أفاده في الكفاية وحاصله : أنّ المورد إذا سلّم إمكان استناد عدم أحد الضدّين إلى وجود الآخر وإن لم يتحقق ذلك خارجاً ، فمحذور الدور يبقى على حاله لا محالة ، إذ كيف يمكن أن يكون ما هو من أجزاء العلة لشيء معلولاً له بعينه. وأمّا إذا لم يسلّم ذلك ، وذهب إلى استحالة استناد عدم أحد الضدّين إلى وجود الآخر كما هو مقتضى التقريب المتقدم ، فمعناه إنكار توقف أحد الضدّين على عدم الآخر ، فانّه إذا استحال أن يكون شيء مانعاً
__________________
(١) في المجلّد الأوّل من هذا الكتاب ص ٤١٧.