لزيد بعد وفاتي ، فلا شبهة في تحقق الملكية للموصى له بعد وفاته ، مع أنّ الاعتبار فعلي ، ومن البديهي أنّ هذا ليس إلاّمن ناحية أنّ الموصي اعتبر فعلاً الملكية للموصى له في ظرف الوفاة. ومن هنا لم يستشكل أحد في صحة تلك الوصية حتّى من القائلين برجوع القيد إلى المادة دون الهيئة.
وتوهّم أنّ الملكية فعلية ولكن المملوك وهو العين الخارجية مقيدة بما بعد الوفاة ، خاطئ جداً ، فإنّه يقوم على أساس قابلية تقيد الجواهر بالزمان ، ومن المعلوم أنّ الجواهر غير قابلة لذلك. نعم ، يمكن هذا في الأعراض القائمة بها ، كما إذا اعتبر المالك ملكية المنفعة المتأخرة حالاً. وعلى الجملة : فالأعيان الخارجية التي هي من قبيل الجواهر غير قابلة للتقدير بالزمن والتحديد به ، فإنّ القابل للتقدير والتحديد به إنّما هو المعنى الحدثي ، يعنى الأعراض والامور الاعتبارية كالضرب والقيام وما شاكلهما. ومن هنا قلنا إنّ المنفعة قابلة للتقدير بالزمن كمنفعة شهر أو سنة أو نحو ذلك ، وعليه فلا مانع من اعتبار ملكية المنفعة المتأخرة من الآن ، بأن تكون الملكية فعلية والمملوك أمراً متأخراً ، بل هو واقع في باب الاجارة.
وأمّا النقطة الثانية : فقد استند الشيخ قدسسره (١) في إثباتها بما حاصله : أنّ الانسان إذا توجه إلى شيء والتفت إليه ، فلا يخلو من أن يطلبه أم لا ، ولا ثالث في البين. لا كلام على الثاني ، وعلى الأوّل فأيضاً لا يخلو من أنّ الفائدة تقوم بطبيعي ذلك الشيء من دون دخل خصوصية من الخصوصيات فيها أو تقوم بحصة خاصة منه ، وعلى الأوّل فبطبيعة الحال يطلبه المولى على إطلاقه وسعته ، وعلى الثاني يطلبه مقيداً بقيد خاص ، لفرض عدم قيام المصلحة إلاّ بالحصة الخاصة ـ وهي الحصة المقيدة بهذا القيد ـ لا بصرف وجوده على نحو
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٥٢.