وبدونها فلا مقتضي له. نعم ، لو كان ظهور أحدهما مستنداً إلى الوضع والآخر إلى مقدمات الحكمة ، قدّم ما كان بالوضع على ما كان بالمقدّمات كما عرفت.
وأمّا شيخنا الاستاذ قدسسره (١) فقد اختار مقالة شيخنا الأنصاري قدسسره من تقديم الاطلاق الشمولي على الاطلاق البدلي ، وخالف بذلك المحقق صاحب الكفاية قدسسره واستدلّ على ذلك بامور ثلاثة :
الأوّل : أنّ الاطلاق الشمولي عبارة عن انحلال الحكم المعلّق على الطبيعة المأخوذة على نحو مطلق الوجود ، فيتعدد الحكم بتعدد أفرادها في الخارج أو أحوالها ، ويثبت لكل فرد منها حكم مستقل ، وذلك مثل لا تكرم فاسقاً ، فانّ الفاسق لوحظ على نحو مطلق الوجود موضوعاً لحرمة الاكرام ، فطبعاً تتعدد الحرمة بتعدد وجوده خارجاً ، فيثبت لكل فرد منه حرمة مستقلة. والاطلاق البدلي عبارة عن حكم واحد مجعول للطبيعة على نحو صرف الوجود القابل للانطباق على كل فرد من أفرادها على البدل.
وبكلمة اخرى : أنّ الحكم في الاطلاق الشمولي بما أنّه مجعول على الطبيعة الملحوظة على نحو مطلق الوجود ، فبطبيعة الحال ينحل بانحلالها ويتعدد بتعدد أفرادها ، وفي الاطلاق البدلي بما أنّه مجعول على الطبيعة الملحوظة على نحو صرف الوجود ، فلا محالة لا ينحل بانحلالها ولا يتعدد بتعدد وجودها ، بل هو حكم واحد ثابت لفرد ما منها ، ونتيجة ذلك هي تخيير المكلف في تطبيق ذلك على أيّ فرد منها شاء وأراد.
وعلى هذا الأساس فإذا دار الأمر بين رفع اليد عن الاطلاق البدلي والتحفّظ
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٣٥.