فالساقط إنّما هو الحرمة عنها كذلك.
وعلى ضوء ذلك تظهر الثمرة بين هذين القولين وبين القول بعدم الوجوب أصلاً كما هو الصحيح ، فانّه على هذا القول أي القول بعدم الوجوب ، فالساقط إنّما هو حرمة خصوص المقدمة الموصلة دون غيرها ، وعلى القول الأوّل فالساقط إنّما هو حرمة خصوص المقدمة التي قصد بها التوصل إلى الواجب ، وعلى القول الثاني فالساقط إنّما هو حرمة مطلق المقدمة وهذه ثمرة مهمة.
ثمّ إنّ شيخنا الاستاذ قدسسره (١) ذكر أنّ المقرر رتّب على اعتبار قصد التوصل فروعاً يبعد كونها من العلاّمة الأنصاري قدسسره.
منها : عدم صحة صلاة من كانت وظيفته الصلاة إلى الجهات الأربع إذا لم يكن من قصده الصلاة إلى جميعها ، حيث إنّ الاتيان بها إلى تلك الجهات من باب المقدمة وقد اعتبر فيها قصد التوصل ، فالاتيان بصلاة إلى جهة منها بدونه لا محالة تقع فاسدة وإن كانت مطابقة للواقع ، لفرض عدم إتيانه بما هو مقدمة وواجب عليه ، إذن لا مناص من الاعادة. ومن هذا القبيل كل مورد كان الاحتياط فيه مستلزماً للتكرار كالصلاة في ثوبين مشتبهين أو نحو ذلك إذا أتى بصلاة واحدة من دون قصده الاتيان بالجميع.
وفيه : أنّ ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من الاستبعاد في محلّه ، والسبب في ذلك واضح وهو أنّ وجوب الصلاة إلى الجهات الأربع أو ما شاكل ذلك إنّما هو من باب المقدمة العلمية ، وقد تقدّم أنّ وجوبها لا يقوم على أساس القول بوجوب المقدمة وعدمه ، فانّ الحاكم بوجوبها إنّما هو العقل بملاك دفع الضرر المحتمل ، وأمّا محلّ النزاع في اعتبار قصد التوصل وعدم اعتباره فانّما هو
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٤٠.