اجتماعهما ، وكلاهما محال.
والوجه فيه : ما عرفت من أنّ المعاندة والمنافرة بين الضدّين إنّما هي بلحاظ وجوديهما في الخارج وإلاّ فلا معاندة ولا مضادة بينهما أبداً ، فإذن لا مانع من أن يكون عدم أحدهما متقدماً على الآخر بالرتبة ، ولا يلزم عليه المحذور المذكور أصلاً ، وأمّا عدم تقدّم أحد الضدّين على الآخر فليس من ناحية المضادة بينهما ، ليقال إنّ قضيتها اتحادهما في الرتبة ، بل من ناحية انتفاء ملاك التقدم والتأخر.
ومن هنا لم يعدّوا من الوحدات المعتبرة في التناقض أو التضاد وحدة الرتبة ، وهذا منهم شاهد على عدم اعتبارها فيه.
وذكر المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) وجهاً رابعاً لاستحالة كون عدم أحد الضدّين مقدمة للضدّ الآخر ، بأ نّه مستلزم للدور ، فانّ التمانع بينهما لو كان موجباً لتوقف وجود كل منهما على عدم الآخر من باب توقف المعلول على عدم مانعه ، لاقتضى ذلك توقف عدم كل منهما على وجود الضدّ الآخر من باب توقف عدم الشيء على وجود مانعه ، فيلزم حينئذ توقف وجود كل منهما على عدم الآخر وتوقف عدم كل منهما على وجود الآخر ، وهذا محال.
وقد اورد عليه كما في الكفاية : بأنّ توقف وجود أحد الضدّين على عدم الآخر فعلي ، فانّ وجود السواد في محل متوقف فعلاً على عدم تحقق البياض فيه ، وأمّا توقف عدم الضد على وجود الآخر فهو شأني لا فعلي ، فلا دور.
والوجه في ذلك : هو أنّ وجود الضد في الخارج لا محالة يكون بوجود علته التامة من المقتضي والشرط وعدم المانع ، ومن الواضح أنّ توقف وجود المعلول
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٣٠.