الأدلة من باب الاستنباط لا من باب التطبيق. ٢ ـ أن يكون وقوعها في طريق الحكم بنفسها من دون حاجة إلى ضم مسألة اصولية اخرى ، وقد تقدّم الكلام حول هاتين الركيزتين بشكل موسع في أوّل بحث الاصول ، وبما أنّ هاتين الركيزتين قد توفرتا في مسألتنا هذه ، فهي من المسائل الاصولية لا محالة.
وأمّا الدعوى الثانية : فلأنّ الحاكم بالملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدمته إنّما هو العقل ، ولا صلة لها بدلالة اللفظ أبداً.
ومن ذلك يظهر أنّ ما ظهر من صاحب المعالم قدسسره من كون هذه المسألة من المسائل اللفظية حيث قد استدلّ على عدم وجوب المقدمة بانتفاء الدلالات الثلاث في غير محلّه ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ الاصوليين قد قسّموا الحكم العقلي إلى قسمين : أحدهما : حكم عقلي مستقل وهو التحسين والتقبيح العقليان. وثانيهما : حكم عقلي غير مستقل وهو مباحث الاستلزامات العقلية ، وإنّما سمي الأوّل بالمستقل والثاني بغير المستقل من ناحية أنّ استنتاج الحكم الشرعي من الأوّل لا يتوقف على مقدمة خارجية ، ومن الثاني يتوقف عليها كما فصّلنا الحديث من هذه الناحية في مبحث اجتماع الأمر والنهي ، ومسألتنا هذه من القسم الثاني.
الثالثة : في تقسيمات المقدمة. فقد ذكروا للمقدمة تقسيمات متعددة :
الأوّل : تقسيمها باعتبار دخولها في المأمور به قيداً وتقيداً وعدم دخولها فيه كذلك إلى أصناف ثلاثة :
١ ـ المقدمة الداخلية : وهي أجزاء المأمور به التي هي داخلة في حقيقته تقيداً وقيداً ، فانّ الجزء كما هو بنفسه دخيل في حقيقته ومقوّم لواقعه الموضوعي ، كذلك تقيده بسائر أجزائه ، وهكذا مثلاً القراءة كما أنّها بنفسها دخيلة في حقيقة الصلاة ، كذلك تقيدها بكونها مسبوقة بالتكبيرة وملحوقة بالركوع دخيل فيها.