بالأهم واضح ، وإلاّ لزم المحذور المتقدم. وأمّا سقوطه على الفرض الأوّل وهو فرض عصيان الأمر بالأهم وعدم الاتيان بمتعلقه فهو بلا سبب يقتضيه ، فان محذور لزوم التكليف بما لا يطاق يندفع بالالتزام بالسقوط على فرض الاطاعة والامتثال ، فلا وجه للالتزام بسقوطه على الاطلاق.
وعلى الجملة : أنّ وقوع الترتب بعد الالتزام بامكانه لا يحتاج إلى دليل ، فإذا بنينا على إمكانه فهو كافٍ في وقوعه ، فمحط البحث في المسألة إنّما هو عن جهة إمكان الترتب واستحالته.
الخامس : ذكر شيخنا الاستاذ قدسسره (١) أنّ الترتب لا يجري فيما إذا كان أحد التكليفين مشروطاً بالقدرة عقلاً ، والتكليف الآخر مشروطاً بالقدرة شرعاً ، وقال في وجه ذلك : أنّ التكليف المتعلق بالمهم المترتب على عصيان التكليف بالأهم يتوقف على كون متعلقه حال المزاحمة واجداً للملاك. والطريق إلى إحراز اشتماله على الملاك والكاشف عنه إنّما هو إطلاق المتعلق ، فإذا فرضنا أنّ المتعلق مقيد بالقدرة شرعاً ، سواء أكان التقييد مستفاداً من قرينة متصلة أو منفصلة أو كان مأخوذاً في لسان الدليل لفظاً ، لم يبق للتكليف بالمهم محل ومجال أصلاً. ورتّب قدسسره على ذلك أنّه لا يمكن تصحيح الوضوء في موارد الأمر بالتيمم لا بالملاك ولا بالترتب ، وذلك لأنّ الأمر بالوضوء في الآية المباركة مقيد بالقدرة من استعمال الماء شرعاً ، وهذا التقييد قد استفيد من تقييد وجوب التيمم فيها بعدم وجدان الماء ، فانّ التفصيل في الآية المباركة وتقييد وجوب التيمم بعدم الوجدان يقطع الشركة ويدل على أنّ وجوب الوضوء أو الغسل مقيّد بوجدان الماء.
ثمّ إنّ المراد من الوجدان من جهة القرينة الداخلية والخارجية التمكن من
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٩٠.