الوجوب ، وقد ذكرنا في بحث المشتق أنّ إطلاقه على من لم يتلبس بالمبدأ فعلاً مجاز بالاتفاق (١).
ثمّ إن استعمال الصيغة أو نحوها ممّا دلّ على الوجوب ككلمة على في مثل قوله تعالى ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )(٢) وما شاكلها في المطلق والمشروط على نحو الحقيقة ، وذلك لأنّ كلا من الاطلاق والاشتراط خارج عن معناها الموضوع له ، حيث إنّه الطبيعي المهمل فيعرض عليه الاطلاق مرّة ، والاشتراط مرّة اخرى ، والأوّل مستفاد من قرينة الحكمة ، والثاني مستفاد من ذكر المتكلم القيد في الكلام ، وقد يستفاد من ناحية الانصراف ، وتفصيل الكلام في ذلك في مبحث المطلق والمقيد إن شاء الله تعالى.
نتائج البحوث المتقدمة عدّة نقاط :
الاولى : أنّ المبحوث عنه في مسألة مقدمة الواجب إنّما هو عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته عقلاً.
الثانية : أنّ المسألة من المسائل الاصولية العقلية.
الثالثة : أنّ المقدمات الداخلية بالمعنى الأخص ، وهي أجزاء الواجب ، خارجة عن محل البحث ولا مقتضي لاتصافها بالوجوب الغيري أصلاً.
الرابعة : أنّ المراد من الشرط في محلّ الكلام سواء أكان شرطاً للحكم أو شرطاً للمأمور به أجنبي عن الشرط بمعنى ما له دخل في فعلية تأثير المقتضي في المقتضى ويكون من أجزاء العلّة التامة ، وعلى ضوء هذا قد أجبنا عن الاشكال على إمكان الشرط المتأخر وجوازه على تفصيل تقدّم.
__________________
(١) راجع المجلد الأوّل من هذا الكتاب ص ٢٤٦.
(٢) آل عمران ٣ : ٩٧.