[ وجوب التعلّم ]
وأمّا المقام الثاني : وهو التعلم ، فقد ذكر جماعة منهم شيخنا الاستاذ قدسسره (١) أنّ وجوب التعلم ليس بملاك وجوب بقية المقدمات المعدّة التي يستلزم تركها ترك الواجب بملاكه الملزم ، وتفويتها تفويته كذلك ، بل وجوبه بملاك آخر وهو لزوم دفع الضرر المحتمل.
وغير خفي أنّ ما أفاده قدسسره لا يتم على إطلاقه ، والسبب في ذلك هو أنّ ترك التعلم قبل وقت الواجب أو شرطه يقع على أنحاء :
الأوّل : أنّه لا أثر لترك التعلم قبل الوقت ، وذلك لتمكّن المكلف من تعلّم الواجب بجميع أجزائه وشرائطه بعد دخول وقته أو حصول شرطه كالحج مثلاً ، فان باستطاعة العبد أن يتعلم أحكامه تدريجاً اجتهاداً أو تقليداً من اليوم الذي يجب عليه الإحرام إلى اليوم الذي تنتهي نسكه ، ومن الطبيعي أنّ في مثله لايجب عليه التعلم قبل دخول الوقت ، لعدم فوت شيء منه بعده. نعم ، إذا جاء وقته لم يجز له تركه ، حيث إنّ فيه احتمال مخالفة التكليف الفعلي المنجّز وهو مساوق لاحتمال العقاب ، إذ لا مؤمّن منه ، فانّ البراءة لا تجري قبل الفحص ، ومعه لا محالة يستقلّ العقل بوجوبه وعدم جواز تركه.
الثاني : أنّ ترك التعلم قبل الوقت مؤثر في فقد تمييز الواجب عن غيره ، يعني أنّ المكلف لا يتمكن معه من الامتثال العلمي التفصيلي بعد الوقت ، ولكنّه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٢٩.