الواجب النفسي والغيري
قد عرّف الواجب النفسي : بأ نّه ما وجب لا لأجل التوصل به إلى واجب آخر ، والواجب الغيري : بأ نّه ما وجب لأجل التوصل به إلى واجب آخر.
وقد اورد على تعريف الواجب النفسي : بأنّ لازم ذلك صيرورة جلّ الواجبات لولا كلّها غيرية ، بداهة أنّها إنّما تجب لأجل مصالح وفوائد تترتب عليها اللاّزمة تحصيلها بحيث لولاها لم تكن واجبة. وعلى الجملة : فعلى ضوء هذا التعريف لا يكون واجب نفسي ما عدا معرفة الباري ( عزّ وجلّ ) حيث إنّها غاية الغايات فلا غاية فوقها ، وأمّا غيرها من الواجبات بشتى ألوانها وأشكالها واجبات لأجل التوصل إلى غايات مترتبة عليها ، بناءً على المسلك الصحيح وهو مسلك العدلية.
واجيب عنه كما حكى في الكفاية (١) : بأنّ تلك الغايات المترتبة عليها خارجة عن الاختيار فلا تتعلق القدرة بها ، وعليه فلا يعقل وجوبها وتعلق الخطاب بها. وأورد عليه صاحب الكفاية قدسسره بأ نّها وإن كانت في حد أنفسها وبلا واسطة خارجة عن إطار القدرة ، إلاّ أنّها مع الواسطة مقدورة لدخول أسبابها تحت القدرة ، ومن الطبيعي أنّ القدرة على السبب قدرة على المسبب ، وإلاّ لم يصح وقوع مثل التطهير والتمليك والتزويج والطلاق والعتاق إلى غير
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٠٨.