ذلك لا يوجب اتحاد المسألتين ، وذلك لما تقدّم في ضمن البحوث السابقة (١) من أنّ الضابط لامتياز مسألة عن مسألة اخرى إنّما هو بالجهة المبحوث عنها في المسألة ، وحيث إنّ الجهة المبحوث عنها في مسألتنا هذه غير الجهة المبحوث عنها في تلك المسألة ، فلا مناص من تعددهما ، وذلك لأنّ الجهة المبحوث عنها في مسألة المرّة والتكرار إنّما هي تعيين حدود المأمور به شرعاً من حيث السعة والضيق وأ نّه الطبيعة المقيدة بالمرة أو التكرار ، وفي هذه المسألة إنّما هي إجزاء الاتيان بالمأمور به عن الواقع عقلاً وعدم إجزائه بعد الفراغ عن تعيين حدوده شرعاً.
وإن شئت قلت : إنّ البحث في المسألة الاولى بحث عن دلالة الصيغة أو ما شاكلها على المرّة أو التكرار ولذا تكون من المباحث اللفظية ، والبحث في هذه المسألة بحث عن وجود ملازمة عقلية بين الاتيان بالمأمور به خارجاً وبين إجزائه ، ومن هنا قلنا إنّها من المسائل العقلية.
وصفوة القول : أنّ الاشتراك في النتيجة لو كان موجباً لوحدة المسألتين أو المسائل لكان اللاّزم أن يجعل المسائل الاصولية بشتّى أشكالها وألوانها مسألة واحدة ، لاشتراك الجميع في نتيجة واحدة وهي القدرة على الاستنباط وهذا كما ترى.
وأمّا التوهم الثاني : فلأنّ مسألتنا هذه تختلف عن مسألة تبعية القضاء للأداء موضوعاً وجهة ، أمّا الأوّل : فلأنّ الموضوع في هذه المسألة هو الاتيان بالمأمور به وأ نّه يجزي عن الواقع أم لا؟ والموضوع في تلك المسألة هو عدم الاتيان بالمأمور به في الوقت ، ومن الطبيعي أنّه لا جامع بين الوجود والعدم ،
__________________
(١) [ بل سيأتي في المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٣٧٥ ].