وعلى تقدير كون الوجوب مركباً فلا يعقل أن يكون مركباً من المنع من الترك ، لما عرفت من أنّ بغض الترك كما لا يمكن أن يكون عين حبّ الفعل ، كذلك لا يمكن أن يكون جزأه.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ النزاع في عينية الأمر بشيء للنهي عن ضدّه أو جزئيته له ، لا يرجع إلى النزاع في معنى معقول.
وأمّا القول الثالث : وهو القول بأنّ الأمر بشيء يستلزم النهي عن ضدّه العام ، فقد ذهب إليه جماعة ، ولكنهم اختلفوا في أنّ الاقتضاء هل هو على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخص ، بأن يكون نفس تصور الوجوب كافياً في تصور المنع من الترك ، من دون حاجة إلى أمر زائد ، أو أنّه على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأعم على قولين.
فقد قرب شيخنا الاستاذ قدسسره (١) القول الأوّل ، وقال : إنّه لا يبعد أن تكون دلالته على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخص ، وعلى تقدير التنزل عن ذلك فالدلالة الالتزامية بنحو اللزوم البيّن بالمعنى الأعم ممّا لا إشكال فيه ولا كلام.
والتحقيق : هو عدم الاقتضاء ، والوجه في ذلك : هو أنّ دعوى استلزام الأمر بشيء النهي عن تركه باللزوم البيّن بالمعنى الأخص واضحة الفساد ، ضرورة أنّ الآمر ربّما يأمر بشيء ويغفل عن تركه ولا يلتفت إليه أصلاً ليكون كارهاً له ، فلو كانت الدلالة على نحو اللزوم البيّن بالمعنى الأخص لم يتصور غفلة الآمر عن الترك وعدم التفاته إليه في مورد من الموارد ، ومن هنا قد اعترف هو قدسسره أيضاً ببداهة إمكان غفلة الآمر بشيء عن ترك تركه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٧.