فضلاً عن أن يتعلق به طلبه ، وهذا منه يناقض ما أفاده من نفي البعد عن اللزوم البيّن بالمعنى الأخص.
وأمّا دعوى الدلالة الالتزامية باللزوم البيّن بالمعنى الأعم ، فهي أيضاً لايمكن تصديقها ، وذلك لعدم الدليل عليها لا من العقل ولا من الشرع.
أمّا من ناحية العقل : فلأ نّه لا يحكم بالملازمة بين اعتبار الشارع وجوب شيء واعتباره حرمة تركه ، فانّ كلاً من الوجوب والحرمة يحتاج إلى اعتبار مستقل ، والتفكيك بينهما في مقام الاعتبار بمكان من الامكان ، وكذا لا يحكم العقل بالملازمة بين إرادة شيء وكراهة نقيضه ، إذ قد يريد الانسان شيئاً غافلاً عن تركه وغير ملتفت إليه ، فكيف يكون كارهاً له.
وإن شئت فقل : إنّ القائل باستلزام وجوب شيء لحرمة تركه ، إمّا أن يدعي الحرمة النفسية ، أو يدعي الحرمة الغيرية. وكلتا الدعويين فاسدة :
أمّا الدعوى الأولى : فلأنّ الحرمة النفسية إنّما تنشأ من مفسدة إلزامية في متعلقها ، ومن الواضح أنّه لا مفسدة في ترك الواجب ، فتركه ترك ما فيه المصلحة لا فعل ما فيه المفسدة. فلو سلّمنا وجود المفسدة في ترك الواجب أحياناً فلا كلية لذلك بالبداهة. إذن لا مجال لدعوى الملازمة بين وجوب شيء وحرمة تركه ، بل الوجدان حاكم بعدم ثبوتها.
وأمّا الدعوى الثانية : فلعدم ملاك الحرمة الغيرية فيه أوّلاً ، لانتفاء المقدمية ، وكونها لغواً ثانياً ، لعدم ترتب أثر عليها من العقاب أو نحوه. وعليه فلا موضوع لدعوى الملازمة أصلاً.
وأمّا من ناحية الشرع : فلأنّ ما دلّ على وجوب شيء لا يدل على حرمة تركه ، بداهة أنّ الحكم الواحد وهو الوجوب في المقام لا ينحل إلى حكمين أحدهما يتعلق بالفعل والآخر بالترك ، ليكون تاركه مستحقاً لعقابين من جهة