الأوّل وعدم دخوله ، الكلام فيه يقع من جهات :
الاولى : في صلاحية الأجزاء للاتصاف بالمقدمية وعدمها.
الثانية : على تقدير صلاحيتها للاتصاف بها هل المقتضي لاتصافها بالوجوب الغيري موجود أم لا؟
الثالثة : على تقدير ثبوت المقتضي له هل هنا مانع عن اتصافها به أم لا؟
أمّا الجهة الاولى : فقد يطلق المقدمة ويراد بها ما يكون وجوده في الخارج غير وجود ذيها بأن يكون فيه وجودان ، أحدهما : للمقدمة ، والآخر : لذي المقدمة ، غاية الأمر أنّ وجود الثاني يتوقف على وجود الاولى. وقد يطلق ويراد بها مطلق ما يتوقف عليه وجود الشيء وإن لم يكن وجوده في الخارج غير وجود ذيه.
أمّا المقدمة بالاطلاق الأوّل فلا تصدق على الأجزاء ، بداهة أنّ وجود الأجزاء في الخارج ليس مغايراً لوجود الكل ، بل وجوده فيه عين وجود أجزائه بالأسر ، فانّها إنّما تغايره إذا لوحظت لا بشرط ، وأمّا إذا لوحظت بشرط شيء فهي عينه ، حيث إنّه هو الأجزاء الملحوظة كذلك ، والسر فيه واضح ، وهو أنّ التركيب بينها اعتباري فلا وجود له خارجاً ما عدا وجود أجزائه فيه. وإن شئت قلت : إنّ في الخارج وجوداً واحداً وذلك الوجود الواحد كما يضاف إلى الكل فيكون وجوداً له ، كذلك يضاف إلى الأجزاء ، وليس فيه وجودان أحدهما مقدمة للآخر.
وأمّا المقدمة بالاطلاق الثاني فتشمل الأجزاء أيضاً ، لوضوح أنّ وجود الكل يتوقف على وجود أجزائه ، وأمّا وجودها فلا يتوقف على وجوده ، وذلك كالواحد بالاضافة إلى الاثنين حيث إنّ وجود الاثنين يتوقف على وجود الواحد دون العكس. وعلى الجملة : فبما أنّ وجود الجزء يتقدم على وجود الكل