طبعاً فبطبيعة الحال لا يعقل وجوده بدون وجوده ، دون العكس ، وهذا معنى كونه مقدمة له. فالنتيجة أنّه لا إشكال في صدق المقدمة بالاطلاق الثاني على الأجزاء.
وأمّا الجهة الثانية : فقد أفاد المحقق صاحب الكفاية قدسسره في هامش الكفاية (١) ما حاصله : هو أنّه لا مقتضي لاتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري أصلاً ، والسبب في ذلك : هو أنّ ملاك الوجوب الغيري إنّما هو فيما إذا كان وجود المقدمة غير وجود ذيها في الخارج ليقع البحث عن أنّ إيجاب الشارع ذي المقدمة هل يستلزم إيجابه مقدمته تبعاً أم لا ، وأمّا إذا كان وجودها عين وجود ذيها في الخارج كالجزء بالاضافة إلى الكل فلا ملاك لاتصافها به ، لوضوح أنّها واجبة بعين الوجوب المتعلق بالكل وهو الوجوب النفسي ومعه لا مقتضي لاتصافها به ، بل هو لغو محض.
وهذا الذي أفاده قدسسره في غاية الصحة والمتانة ، بداهة أنّه لا موضوع لحكم العقل بالملازمة هنا بعد فرض أنّ الأجزاء نفس المركب في الخارج وأحدهما عين الآخر وجوداً ووجوباً ، ومعه كيف يعقل وجود الملاك للوجوب الغيري فيها.
وأمّا الجهة الثالثة : فقد ادّعى صاحب الكفاية قدسسره (٢) وجود المانع عن اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري على فرض ثبوت المقتضى له ـ وهو لزوم اجتماع المثلين ـ وذلك لأنّ الأجزاء بشرط الاجتماع واجبة بوجوب نفسي ، ومع ذلك لو وجبت بوجوب غيري لزم اجتماع حكمين متماثلين في شيء واحد ، وهو محال حتّى لو قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي في مورد التصادق
__________________
(١) كفاية الاصول : ٩١.
(٢) كفاية الاصول : ٩٠.