والاجتماع ، والسبب فيه هو أنّ القول بالجواز هناك يرتكز على كون الجهتين تقييديتين ، وأمّا إذا كانتا تعليليتين فلا يمكن القول به ، وبما أنّ الجهة فيما نحن فيه تعليلية وهي عنوان المقدمة ولم تكن تقييدية فلا يمكن القول بالاجتماع فيه.
ولنأخذ بالنقد عليه ، بيانه : أنّ ما أفاده قدسسره من المانع في فرض ثبوت المقتضي لايصلح أن يكون مانعاً ، والسبب في ذلك هو أن اجتماع الحكمين المذكورين في شيء واحد لا يؤدي إلى اجتماع المثلين ، بل يؤدي إلى اندكاك أحدهما في الآخر فيصيران حكماً واحداً مؤكداً كما هو الحال في كل واجب نفسي يتوقف عليه واجب نفسي آخر ، كصلاة الظهر بالاضافة إلى صلاة العصر حيث إنّها واجبة بحد ذاتها نفساً ، أي سواء أكان هناك واجب آخر أم لا ، وواجبة بالاضافة إلى صلاة العصر غيراً باعتبار توقّفها عليها ، فهي ذات ملاكين ، فإذن بطبيعة الحال يندك أحدهما في الآخر ويتحصل من مجموعهما وجوب واحد أكيد متعلق بها.
وعلى الجملة : ففي كل مورد اجتمع فيه حكمان متماثلان ـ سواء أكانا من نوع واحد أم من نوعين ، وسواء أكان كلاهما معاً إلزاميين أم كان أحدهما إلزامياً دون الآخر ـ يندك أحدهما في الآخر ، ولا يعقل بقاء كل واحد منهما بحدّه ، هذا.
وقد اعترض على ذلك بعض الأعاظم قدسسره (١) ، وحاصله : هو أنّ الاندكاك بين الحكمين المتماثلين إنّما يتصور فيما إذا كانا في رتبة واحدة ، وأمّا إذا كان أحدهما في طول الآخر فلم يتصور الاندكاك بينهما ، وما نحن فيه من قبيل الثاني ، وذلك لأن ملاك الوجوب الغيري في طول ملاك الوجوب النفسي. وإن شئت قلت : إنّ الوجوب الغيري متأخر رتبة عن الوجوب النفسي حيث إنّه
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ : ٢٦٨.