مترشح عنه ، وعليه فبطبيعة الحال اتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري في رتبة متأخرة عن اتصافها بالوجوب النفسي ، ومعه كيف يعقل حصول الاندكاك بينهما.
ولنأخذ بالنقد عليه : وهو أنّ ما أفاده قدسسره مبتن على الخلط بين تقدّم حكم على حكم آخر زماناً ، وبين تقدمه عليه رتبة مع مقارنته له كذلك ، بيانه : أنّ الاندكاك بين الحكمين إنّما لا يتصور فيما إذا كانا مختلفين زماناً ، بأن يكون أحدهما في زمانٍ والآخر في زمانٍ آخر بحيث لا يجتمعان في زمان واحد ، ففي مثل ذلك لا يعقل الاندكاك والتأكد.
وأمّا إذا كانا مقارنين زماناً ومجتمعين فيه ـ وإن كانا مختلفين رتبة ـ فلا مناص من الالتزام بالتأكد والاندكاك ، بداهة أنّه لا أثر لاختلاف الرتب العقلية في الأحكام الشرعية ، لعدم ثبوتها لها ، وإنّما هي ثابتة للموجودات الزمانية. ومثال الاندكاك في التكوين والتشريع موجود.
أمّا في الأوّل : فكما إذا افترضنا وجود ملاكين لاتصاف جسم بالبياض مثلاً وكان أحدهما في طول الآخر رتبة ، كما إذا فرضنا أنّ اتصاف جسم ببياضٍ سبب لايجاد بياض آخر فيه ، فالبياضان عندئذ وإن كانا مختلفين رتبة إلاّ أنّ اتحادهما زمناً يوجب اندكاك أحدهما في الآخر ، ولا يعقل بقاء كل منهما فيه بحده واستقلاله.
وأمّا في الثاني : كما لو نذر الصلاة في المسجد أو الجماعة أو نحو ذلك ، فانّه لا شبهة في أنّ الوجوب الآتي من قبل النذر يندك في الوجوب أو الاستحباب النفسي الثابت لها ، مع أنّه في رتبة متأخرة عنه ، لتأخر ملاكه ـ وهو رجحان متعلقه ـ عن ملاك ذلك ، والسبب فيه ليس إلاّ اجتماعهما في شيء واحد وزمن واحد. ومن هنا ذكرنا في محلّه أنّ الأمر النذري في عرض الأمر النفسي زمناً