مقدّمة الواجب
يقع الكلام فيها عن عدّة جهات :
الاولى : في بيان المراد من الوجوب المبحوث عنه في المقام ، فنقول : لا يشك أحد ولن يشك في أنّ المراد منه ليس هو الوجوب العقلي ، يعني لابدية الاتيان بالمقدمة ، بداهة أنّ العقل إذا أدرك توقف الواجب على مقدمته ورأى أنّ تركها يؤدي إلى ترك الواجب الذي فيه احتمال العقاب استقلّ بلزوم إتيانها ، امتثالاً لأمره تعالى وقياماً بوظيفة العبودية والرقية ، وتحصيلاً للأمن من العقوبة ، فثبوت الوجوب بهذا المعنى ضروري ، فلا مجال للنزاع فيه أبداً ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ المبحوث عنه هنا ليس هو الوجوب المجازي بمعنى أنّ الوجوب النفسي المتعلق بذي المقدمة حقيقة وواقعاً هل يصح إسناده إلى مقدماته مجازاً أم لا ، ضرورة أنّه لا شبهة في صحة هذا الاسناد المجازي أوّلاً ، وعدم شأن الاصولي البحث عن ذلك ثانياً ، وكون البحث عندئذ بحثاً لغوياً ثالثاً.
ومن ناحية ثالثة : أنّ المراد منه ليس هو الوجوب الفعلي التفصيلي ، بداهة أنّه يقتضي التفات الآمر دائماً إلى تمام مقدمات الواجب حتّى يقال إنّه متى أوجب شيئاً أوجب مقدماته فعلاً ، مع أنّ الآمر كثيراً ما لا يلتفت إلى نفس المقدمة فضلاً عن إيجابها.
فالصحيح أن يقال : إنّ المراد منه في المقام هو وجوب غيري تبعي ، بمعنى أنّ الآمر لو كان ملتفتاً إلى نفس المقدمة لأوجبها كما أوجب ذي المقدمة ، ولا