[ إجزاء كل مأمور به عن أمره ]
أمّا الكلام في المسألة الاولى : فقد ذكر المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) أنّ إجزاء الاتيان بكل مأمور به عن أمره عقلي سواء كان أمراً واقعياً أو اضطرارياً أو ظاهرياً ، ضرورة أنّ العقل يستقل بعدم بقاء موضوع للتعبد ثانياً.
أقول : الأمر كما أفاده قدسسره ومن هنا لا نزاع فيه وإن نسب الخلاف إلى بعض ، ولكنّه على تقدير صحّته لا يعتد به أصلاً ، والوجه في ذلك : هو أنّ المكلف إذا جاء بالمأمور به وأتى به خارجاً واجداً لجميع الأجزاء والشرائط حصل الغرض منه لا محالة وسقط الأمر ، وإلاّ لزم الخلف أو عدم إمكان الامتثال أبداً ، أو بقاء الأمر بلا ملاك ومقتض ، والجميع محال. أمّا الأوّل : فلأنّ لازم بقاء الأمر تعدد المطلوب لا وحدته وهو خلف. وأمّا الثاني : فلأنّ الامتثال الثاني كالامتثال الأوّل ، فإذا لم يكن الأوّل موجباً لسقوط الأمر فالثاني مثله ، وهكذا. وأمّا الثالث : فلأنّ الغرض إذا تحقق في الخارج ووجد كيف يعقل بقاء الأمر ، ضرورة استحالة بقائه بلا مقتض وسبب.
فالنتيجة : أنّ إجزاء الاتيان بالمأمور به عن أمره ضروري من دون فرق في ذلك بين المأمور به الواقعي والظاهري والاضطراري أصلاً.
وعلى ضوء ما بيّناه قد ظهر أنّ الامتثال عقيب الامتثال غير معقول.
ولكن قد يتوهم جواز الامتثال بعد حصول الامتثال في موردين :
__________________
(١) كفاية الاصول : ٨٣.