وعلى الجملة : فالغرض بما أنّه قائم بخصوص المقدمة الموصلة دون غيرها ودون الجامع بينهما ، فلا مقتضي لايجاب غيرها ولو بايجاب الجامع. فالنتيجة أنّ ما أفاده المحقق صاحب الفصول قدسسره متين جداً ولا مناص عنه لو قلنا بوجوب المقدمة.
قد يستدل على إيجاب خصوص المقدمة الموصلة بوجه آخر وحاصله : هو أنّه يجوز للمولى أن ينهى عن المقدمات التي لا توصل إلى الواجب ، ولا يستنكر ذلك العقل ، مع أنّه يستحيل أن ينهى عن مطلق المقدمة أو عن خصوص الموصلة منها ، ومن الطبيعي أنّ هذه التفرقة آية عدم وجوب مطلق المقدمة ، ووجوب خصوص الموصلة ، مثلاً لو أمر المولى عبده بشراء اللحم من السوق فليس له المنع عن مطلق مقدمته أو عن خصوص الموصلة منها ، ولكن له أن يمنع عن المقدمة التي لا توصل إليه ، وهذا الاستدلال منسوب (١) إلى السيِّد الطباطبائي صاحب العروة قدسسره.
وأجاب صاحب الكفاية قدسسره (٢) عن ذلك بوجهين :
الأوّل : أنّ هذا الدليل خارج عن مورد الكلام في المسألة ، فان محل الكلام إنّما هو في المقدمات المباحة في أنفسها ، وأمّا إذا كان بعضها محرّماً ، فعدم اتصاف المحرّم بالوجوب الغيري إنّما هو لوجود مانع ، لا لأجل عدم المقتضي له ، وعلى هذا فنهي المولى عن المقدمات غير الموصلة لايدل على أنّه لا مقتضي لاتصافها بالوجوب الغيري ، إذ من المحتمل أن يكون عدم اتصافها في هذه الحالة لأجل
__________________
(١) نسبه في أجود التقريرات ١ : ٣٤٦ إلى صاحب الفصول.
(٢) كفاية الاصول : ١٢٠.