أنّ المكلف لا يكون مأموراً بايجاده وامتثاله ، لخروجه عن قدرته واختياره ، فالواجب على المكلف ليس إلاّتمكين المولى من الشرب وتهيئة المقدمات له ، فانّه تحت اختياره وقدرته وهو يحصل بصرف الامتثال الأوّل. وكيف كان ، فان حصل الغرض من الامتثال الأوّل وسقط الأمر لم يعقل الامتثال الثاني إلاّ تشريعاً ، وإن لم يحصل وجب ذلك ثانياً ، وعلى كلا التقديرين فلا معنى لجوازه أصلاً.
نعم ، قد يتوهم جواز ذلك في موردين :
أحدهما : في صلاة الآيات ، حيث قد ورد فيها أنّ من صلّى صلاة الآيات فله أن يعيد صلاته مرّة ثانية ما دامت الآية باقية (١) ، وهذا يدل على جواز الامتثال مرّة ثانية بعد الامتثال الأوّل.
وثانيهما : في الصلاة اليومية ، حيث قد ورد فيها أنّ من صلّى فرادى واقيمت الجماعة فله أن يعيد صلاته مرّة اخرى فيها (٢) ، وهذا أيضاً يدل على جواز الامتثال بعد الامتثال.
ولكن هذا التوهم خاطئ في كلا الموردين ولا واقع له.
أمّا في المورد الأوّل : فهو لا يدل على أزيد من استحباب الاعادة مرّة ثانية بداعي الأمر الاستحبابي ، بداهة أنّ الأمر الوجوبي قد سقط بالامتثال الأوّل فلا تعقل الاعادة بداعيه.
وبكلمة اخرى : أنّ صلاة الآيات متعلقة لأمرين : أحدهما أمر وجوبي والآخر أمر استحبابي ، غاية الأمر أنّ الأوّل تعلق بصرف طبيعة الصلاة والثاني
__________________
(١) الوسائل ٧ : ٤٩٨ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٨ ح ١.
(٢) الوسائل ٨ : ٤٠١ / أبواب صلاة الجماعة ب ٥٤ ح ١.