من إرادة الآخر ، كما إذا أراد أحد الشخصين مثلاً حركة جسم إلى جانب وأراد الآخر حركة ذلك الجسم إلى جانب آخر وهكذا ، ففي مثل ذلك أيضاً يكون المؤثر هو الارادة الغالبة دون الارادة المغلوبة ، فعدم أثرها أيضاً غير مستند إلى وجود أثر تلك الارادة ، بل هو مستند إلى مزاحمتها بها ، لمكان ضعفها وعدم مزاحمة تلك بها لمكان قوتها.
فالنتيجة إذن : لايمكن فرض وجود صورة يستند عدم الضد في تلك الصورة إلى وجود الضدّ الآخر ، لا إلى وجود سببه ، أو عدم مقتضي نفسه.
أقول : هذا الوجه في غاية المتانة والاستقامة ، ولا مناص من الالتزام به ولا سيّما بذلك الشكل الذي بيّناه.
وذكر المحقق صاحب الكفاية قدسسره وجهاً ثالثاً لاستحالة مقدمية عدم الضدّ للضدّ الآخر ، وإليك نصّه :
وذلك لأنّ المعاندة والمنافرة بين الشيئين لا تقتضي إلاّعدم اجتماعهما في التحقق ، وحيث لا منافاة أصلاً بين أحد العينين وما هو نقيض الآخر وبديله ، بل بينهما كمال الملاءمة ، كان أحد العينين مع نقيض الآخر وما هو بديله في مرتبة واحدة ، من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدّم أحدهما على الآخر كما لا يخفى ، فكما أنّ قضية المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدّم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر ، كذلك في المتضادين (١).
أقول : توضيح ما أفاده قدسسره : أنّ المنافرة والمعاندة بين الضدين كما تقتضي استحالة اجتماعهما في التحقق والوجود في زمن واحد ، كذلك تقتضي استحالة اجتماعهما في مرتبة واحدة ، فإذا استحال اجتماعهما في مرتبة واحدة كان
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٣٠.