وإن كان في طوله رتبة بملاك اعتبار الرجحان في متعلقه في مرتبة سابقة عليه.
فالنتيجة : أنّ الملاك المقتضي للاندكاك والتأكد هو تقارن الحكمين زمناً وإن كانا مختلفين رتبة. أضف إلى ذلك : أنّ الوجوب الغيري ليس معلولاً للوجوب النفسي ومترشحاً منه ، كما سيأتي تحقيقه في ضمن البحوث الآتية.
وقد ادّعى بعض الأعاظم قدسسره (١) ظهور الثمرة بين القول باتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري والقول بعدم اتصافها به في مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، بدعوى أنّه على القول الأوّل لا ينحل العلم الاجمالي بوجوب أحدهما بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل ، وذلك لأنّ مناط الانحلال هو انطباق المعلوم بالاجمال على المعلوم بالتفصيل على كل تقدير ، وبما أنّ في المقام لا ينطبق كذلك باعتبار أنّ المعلوم بالاجمال هو الوجوب النفسي والمعلوم بالتفصيل هو الجامع بين الوجوب الغيري والنفسي ، فلا انحلال في البين. وعلى القول الثاني ينحل إلى العلم التفصيلي بوجوب نفسي متعلق بذات الأقل ـ وهي المركب من تسعة أجزاء مثلاً ـ والشك البدوي في اعتبار أمر زائد ، وعندئذ فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوب الزائد.
وغير خفي أن ما أفاده قدسسره خاطئ جداً ، والسبب في ذلك هو أن انحلال العلم الاجمالي وعدمه في تلك المسألة يرتكزان على نقطة اخرى وهي جريان أصالة البراءة عن وجوب الزائد وعدم جريانها ، ولا صلة لها باتصاف الأجزاء بالوجوب الغيري وعدم اتصافها به. وإن شئت قلت : إنّ الأمر بالمركب إذا لم يكن أمر بالأجزاء فلا موجب للانحلال ، وإن كان الأمر به عين الأمر
__________________
(١) نهاية الأفكار ١ : ٢٦٩.