ثمّ إنّ الظاهر اختصاص وجوب التعلم بالموارد التي يقع ابتلاء المكلف بها عادة ، وأمّا الموارد التي يقل الابتلاء بها كبعض مسائل الشكوك والخلل وما شاكله ممّا يكون الابتلاء به نادراً جداً فلا يجب التعلم فيها لا بحكم العقل ولا بحكم الشرع.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة وهي أنّ تعلم الأحكام الشرعية واجب مطلقاً ، أي من دون فرق بين ما إذا علم المكلف الابتلاء بها أو اطمأنّ ، وبين ما إذا احتمل ذلك عادة. نعم ، فيما لا يحتمل الابتلاء كذلك لا يجب.
ينبغي التنبيه على عدّة نقاط :
الاولى : أنّ ما ذكرناه من وجوب التعلم قبل الوقت فيما إذا كان تركه موجباً إما لتفويت الملاك الملزم في ظرفه أو لفقد إحراز امتثال التكليف ولو إجمالاً ، مختص بالبالغين ، وأمّا الصبيان فلا يجب عليهم التعلم وإن علموا بفوات الواجب في وقته أو إحرازه ، والسبب في ذلك هو أنّ البالغ إذا ترك التعلم وفات الواجب منه في زمنه لم يستحقّ العقاب على فوت الواجب ، لفرض عدم قدرته عليه ، وإنّما استحقّ العقاب على تفويت الملاك الملزم فيه من ناحية تفويت مقدمته اختياراً ، وقد تقدّم أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، ومن الطبيعي أنّ هذا المعنى لا يتأتى في حقّ الصبي ، وذلك لأنّ الشارع قد رفع القلم عنه ، ومقتضاه هو أنّ تركه التعلم قبل البلوغ كلا ترك ، فلا يترتب عليه أيّ أثر ، وبعد البلوغ لا يقدر على الواجب ، فإذن لا يفوت منه شيء لا الواجب الفعلي ولا الملاك الملزم حتّى يستحقّ العقاب.
وعلى الجملة : فالصبي لا يكون مشمولاً لقاعدة أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، وذلك لأنّ اختيار الصبي كلا اختيار بمقتضى رفع القلم عنه ، وعليه فلا يكون للواجب في ظرفه ملاك ملزم بالاضافة إليه. نعم ، يؤدب