والصحيح هو عدم جواز الامتثال بعد الامتثال ، وذلك لأنّ مقتضى تعلق الأمر بالطبيعة بدون تقييدها بشيء كالتكرار أو نحوه حصول الامتثال بايجادها في ضمن فردٍ ما في الخارج ، لفرض انطباقها عليه قهراً ، ولا نعني بالامتثال إلاّ انطباق الطبيعة المأمور بها على الفرد المأتي به في الخارج ، ومعه لا محالة يحصل الغرض ويسقط الأمر ، فلا يبقى مجال للامتثال مرّة ثانية ، لفرض سقوط الأمر بالامتثال الأوّل وحصول الغرض به ، فالاتيان بها بداعيه ثانياً خلف. ومن هنا سنذكر إن شاء الله تعالى في مبحث الإجزاء أنّ الاتيان بالمأمور به بجميع أجزائه وشرائطه علة تامة لحصول الغرض وسقوط الأمر ، فعدم الاجزاء غير معقول ، بل لو لم يكن الامتثال الأوّل مسقطاً للأمر وموجباً لحصول الغرض لم يكن الامتثال الثاني أيضاً كذلك ، لفرض أنّه مثله فلا تفاوت بينهما ، على أنّه لا معنى لجواز الامتثال ثانياً بعد فرض بقاء الأمر والغرض.
وإن شئت قلت : إنّ لأمر واحد ليس إلاّ امتثالاً واحداً ، فعندئذ إن سقط الأمر بالامتثال الأوّل لم يعقل امتثاله ثانياً وإلاّ وجب ذلك ، ضرورة أنّ حدوث الغرض كما يوجب حدوث الأمر ، كذلك بقاؤه يوجب بقاءه ، فجواز الامتثال بعد الامتثال عندئذ لا يرجع إلى معنى معقول. نعم ، إذا أتى المكلف بما لا ينطبق عليه المأمور به خارجاً وجب عليه الاتيان به مرّة ثانية ، إلاّ أنّه ليس امتثالاً بعد الامتثال ، لفرض أنّ الأوّل ليس امتثالاً له.
ومن ضوء هذا البيان يظهر نقطة الخطأ في كلام صاحب الكفاية قدسسره وهي الخلط بين الغرض المترتب على وجود المأمور به في الخارج من دون دخل شيء آخر فيه ، وبين غرض الآمر كرفع العطش مثلاً ، حيث إنّ حصوله يتوقف على فعل نفسه وهو الشرب زائداً على الاتيان بالمأمور به ، ومن الطبيعي