[ الامتثال بعد الامتثال ]
وإنّما الاشكال والنزاع في إتيان المأمور به ثانياً بعد إتيانه أوّلاً ، ويُسمّى ذلك بالامتثال بعد الامتثال ، فهل يمكن ذلك أم لا؟ فيه وجوه ، ثالثها : التفصيل بين بقاء الغرض الأقصى وعدمه ، وقد اختار المحقق صاحب الكفاية قدسسره هذا التفصيل وقد أفاد في وجه ذلك ما إليك نصّه :
والتحقيق أنّ قضية الاطلاق إنّما هو جواز الاتيان بها مرّة في ضمن فرد أو أفراد ، فيكون إيجادها في ضمنها نحواً من الامتثال كايجادها في ضمن الواحد ، لا جواز الاتيان بها مرّة أو مرّات ، فانّه مع الاتيان بها مرّة لا محالة يحصل الامتثال ويسقط به الأمر فيما إذا كان امتثال الأمر علة تامة لحصول الغرض الأقصى بحيث يحصل بمجرّده ، فلا يبقى معه مجال لاتيانه ثانياً بداعي امتثال آخر أو بداعي أن يكون الاتيانان امتثالاً واحداً ، لما عرفت من حصول الموافقة باتيانها وسقوط الغرض معها وسقوط الأمر بسقوطه فلا يبقى مجال لامتثاله أصلاً.
وأمّا إذا لم يكن الامتثال علّة تامّة لحصول الغرض ، كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضأ فأتى به ولم يشرب أو لم يتوضأ فعلاً ، فلا يبعد صحة تبديل الامتثال باتيان فرد آخر أحسن منه بل مطلقاً ، كما كان له ذلك قبله على ما يأتي بيانه في الإجزاء (١).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٩.