أمّا الأصل اللفظي ، كأصالة الاطلاق أو العموم إذا كان ، فلا مانع من التمسك به لاثبات الاكتفاء بالمرة الواحدة في الأفراد الطولية ، وهذا لا من ناحية أخذها في معنى هيئة الأمر أو مادته ، لما عرفت من عدم دلالة الصيغة عليه بوجه ، بل من ناحية أن متعلق الأمر هو صرف الطبيعة ، وهو وإن كان كما يصدق بالمرة الواحدة يصدق بالتكرار ، إلاّ أنّ الاكتفاء به في ضمن المرّة الواحدة من جهة صدق الطبيعة عليها خارجاً الموجب لحصول الغرض وسقوط الأمر ، وعندئذ فلا يبقى مقتض للتكرار أصلاً ، كما أنّه لا مانع من التمسك به لاثبات الاكتفاء بوجود واحد في الأفراد العرضية ، وهذا لا من ناحية أخذ الوحدة في معنى الأمر ، لما عرفت من عدم أخذها فيه ، بل من ناحية صدق الطبيعة عليه خارجاً الموجب لحصول الغرض وسقوط الأمر فلا يبقى مقتض للتعدد.
وأمّا الأصل العملي في المقام ، فهو أصالة البراءة عن اعتبار الأمر الزائد. وعلى الجملة : أنّ ما هو ثابت على ذمة المكلف ولا شك فيه أصلاً هو اعتبار طبيعي الفعل ، وأمّا الزائد عليه وهو تقييده بالتكرار أو بعدمه في الأفراد الطولية أو تقييده بالتعدد أو بعدمه في الأفراد العرضية فحيث لا دليل على اعتباره ، فمقتضى الأصل هو البراءة عنه ، فإذا جرت أصالة البراءة عن ذلك في كلا الموردين ثبت الاطلاق ظاهراً ، ومعه يكتفى بطبيعة الحال بالمرة الواحدة ، لصدق الطبيعة عليها الموجب لحصول الغرض وسقوط الأمر ، كما إذا أمر المولى عبده باعطاء درهم للفقير فأعطاه درهماً واحداً يحصل به الامتثال ، لصدق الطبيعي عليه وعدم الدليل على اعتبار أمر زائد ، هذا لا إشكال فيه.