منه عرفاً عدم انحلال وجوب الحج بتعدّد الاستطاعة خارجاً في كل سنة ، بل المستفاد منه أنّ تحقق الاستطاعة لدى المكلف يقتضي وجوب الحج عليه فلو امتثل مرّة واحدة كفى ولا يلزمه التكرار بعد ذلك وإن تجددت استطاعته مرّة ثانية.
وبعد ذلك نقول : إنّ صيغة الأمر أو ما شاكلها لا تدل على التكرار ولا على المرّة في كلا الموردين ، واستفادة الانحلال وعدمه إنّما هي بسبب قرائن خارجية وخصوصيات المورد لا من جهة دلالة الصيغة عليه وضعاً.
وبكلمة اخرى : أنّ المرّة والتكرار في الأفراد الطولية والوحدة والتعدد في الأفراد العرضية جميعاً خارج عن إطار مدلول الصيغة مادة وهيئة ، والوجه في هذا واضح ، وهو أنّ الصيغة لو دلت على ذلك فبطبيعة الحال لا تخلو من أن تدل عليه بمادتها أو بهيئتها ولا ثالث لهما ، والمفروض أنّها لا تدل بشيء منهما على ذلك.
أمّا من ناحية المادة : فلفرض أنّها موضوعة للدلالة على الطبيعة المهملة المعراة عنها كافة الخصوصيات ، منها المرّة والتكرار والوحدة والتعدد فلا تدل على شيء منها.
وأمّا من ناحية الهيئة : فقد تقدّم في ضمن البحوث السالفة أنّها موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج ، فلا تدل على خصوصية زائدة على ذلك ، كالانحلال وعدمه أصلاً.
فالنتيجة : أن هذا النزاع لا يقوم على أساس صحيح وواقع موضوعي ، فعندئذٍ إن قام دليل من الخارج على تقييد الطلب بإحدى الخصوصيات المذكورة فهو ، وإلاّ فالمرجع ما هو مقتضى الأصل اللفظي أو العملي.