[ دوران الواجب بين العيني والكفائي ]
وأمّا المسألة الثالثة : وهي ما إذا دار الأمر بين الواجب الكفائي والعيني ، فيقع الكلام فيها أيضاً تارة في مقتضى الأصل اللفظي ، وتارة اخرى في مقتضى الأصل العملي.
أمّا الكلام في المورد الأوّل : فبيانه يحتاج إلى توضيح حول حقيقة الوجوب الكفائي فنقول : إنّ ما قيل أو يمكن أن يقال في تصويره وجوه :
الأوّل : أن يقال : إنّ التكليف متوجه إلى واحد معيّن عند الله ولكنه يسقط عنه بفعل غيره ، لفرض أنّ الغرض واحد فإذا حصل في الخارج فلا محالة يسقط الأمر.
الثاني : أن يقال : إنّ التكليف في الواجبات الكفائية متوجه إلى مجموع آحاد المكلفين من حيث المجموع ، بدعوى أنّه كما يمكن تعلق تكليف واحد شخصي بالمركب من الامور الوجودية والعدمية على نحو العموم المجموعي كالصلاة مثلاً إذا كان الغرض المترتب عليه واحداً شخصياً ، كذلك يمكن تعلقه بمجموع الأشخاص على نحو العموم المجموعي.
الثالث : أن يقال : إنّ التكليف به متوجه إلى عموم المكلفين على نحو العموم الاستغراقي فيكون واجباً على كل واحد منهم على نحو السريان ، غاية الأمر أنّ وجوبه على كلٍ مشروط بترك الآخر.
الرابع : أن يكون التكليف متوجهاً إلى أحد المكلفين لا بعينه ، المعبّر عنه