بصرف الوجود ، وهذا الوجه هو الصحيح.
بيان ذلك ملخّصاً : هو أن غرض المولى كما يتعلق تارة بصرف وجود الطبيعة ، واخرى بمطلق وجودها ، كذلك يتعلق تارة بصدوره عن جميع المكلفين واخرى بصدوره عن صرف وجودهم. فعلى الأوّل ، الواجب عيني فلا يسقط عن بعض بفعل بعض آخر. وعلى الثاني ، فالواجب كفائي بمعنى أنّه واجب على أحد المكلفين لا بعينه المنطبق على كل واحد منهم ويسقط بفعل بعض عن الباقي ، وهذا واقع في العرف والشرع.
أمّا في العرف : فكما إذا أمر المولى أحد عبيده أو خدّامه بفعل في الخارج من دون أن يتعلق غرضه بصدوره من شخص خاص منهم ، ولذا أيّ واحد منهم قام به وأوجده في الخارج حصل الغرض وسقط الأمر لا محالة.
وأمّا في الشرع : فأيضاً كذلك ، كما في أمره بدفن الميت أو كفنه أو نحو ذلك ، حيث إنّ غرضه لم يتعلق بصدوره عن خصوص واحد منهم ، بل المطلوب وجوده في الخارج من أيّ واحد منهم كان ، وذلك لأنّ نسبة ذلك الغرض الوحداني إلى كل واحد من أفراد المكلفين على السوية ، فعندئذٍ تخصيص واحد معيّن منهم بتحصيل ذلك الغرض خارجاً بلا مخصص ومرجح ، وتخصيص المجموع منهم على نحو العموم المجموعي بتحصيل ذلك الغرض ، مع أنّه بلا مقتض وموجب باطل بالضرورة كما برهن في محله ، وتخصيص الجميع بذلك على نحو العموم الاستغراقي أيضاً بلا مقتض وسبب بعد افتراض أنّ الغرض واحد يحصل بفعل بعض منهم ، فاذن يتعيّن وجوبه على واحد منهم على نحو صرف الوجود.
وبعد ذلك نقول : إنّ مقتضى إطلاق الدليل هو الوجوب العيني على جميع هذه الوجوه والاحتمالات.